بادرت الفنانة التشكيلية سناء الجمّالي أعماري بعرض تجربتها الابداعية مؤخرا في الدورة الثانية من ملتقى :” أكوان متوازية ” وذلك بدار الثقافة بالمهدية وتضمنت مشاركتها هذه السنة ، جداريتين من الخزف الفنّي من الحجم الكبير، مزججة ب980 درجة، مركبة بألوان صبغية متنوعة ، محملة بنقوش عالية ومنخفضة ومزودة بخيوط معدنية تدعونا للعودة إلى نموذج الصرخة.
الأولى تحت عنوان ” كلٌنا معاََ ” « Tous ensemble » و هي متكونة من 30 مربعًا من الطين الأبيض الاسباني ، تتشكٌل من رؤوس مختلفة الحجم متناثرة ومحاطة بأسلاك حديدية على سطح أزرق وأصفر.
إنها دعوة للتضامن والانعتاق واعلان مكشوف بضرورة السعي بصيغة الجمع على كسر القيود المكبٌلة نتيجة العزلة على الصحة النفسية زمن الكوفيد. و الثانية « Anamnèse 1 » أي سوابق المريض و هي تتمثّل في نتوء دائري كبير جدا بعيون منتفخة ، تقريبا نفس روح عمل “الغربب” فبراير 2019.
عنوان مستعار من أفلاطون والذي يعني استعادة الأفكار. هذه هي لحظة استجواب المريض ،نتيجة لخلل في أداء الكائن الحي.
تلك الأفواه المفتوحة على مصراعيها المترامية على جنبات الاطار ، مثلت بفضل اقتدار اللمسة الفنية لسناء الجمالي حجم الاختلافات المقترنة بالمشاعر الانسانية الجامحة فحلٌقت بنا خارج السرب بحثا لها عن خلاص لأرقها وجراحاتها التي لم تندمل فتاخذنا أنامل الفنانة سناء الجمّالي مثل الحلم بعد أن عكفت بمرسمها على كل تفاصيل الحالات النفسية ليتمثل في شكل مختبر ابداعي بحثا عن علاج وجداني فاكتملت خزفيات الرسامة وتجلٌت على سطح القماشة انتفاضة على الصمت وتحرٌرا من الحصار ثم انفلاتا واعيا من نواميس القبيلة ، هكذا دعت الرسامة سناء الجمٌال اعماري روٌاد المعرض بأن يتمعّنوا و يستشعروا كنه ومعنى هذه المشاعر العابرة للحدود وتنجلي مضمٌخة بعطر الإنسانية في ابهى تجلياتها وتقترن بلمسة كونية تتجاوز الذات الواحدة وتسافر بكل الضمائر الى عالم متحرٌر ، متضامن لا يشوبه الضجر.
علما وان للفنانة سناء الجمالي اعماري الكثير من الاسهامات في تخرج عديد الكفاءات التشكيلية على يديها ودورها الريادي في المشهد الفني الوطني والعالمي باعتبارها استاذة مختصة تلقٌن وتدرٌس هنا وهناك .
واقامت العديد من المعارض الفنية فب مختلف المدن التونسية والاوروبية، لذا لا غرابة ان تنتشر بصماتها الابداعية وحرفيتها بالغة الروعة في تطويع الطين الى اعمال خزفية عالمية ذات ابعاد فلسفية وقضايا وجودية تتعلق بحياة الإنسان في جميع الوضعبيات النفسية والحياتية لتنقلب لوحات سناء جمالي إلى مرآة عاكسة تختزل ما بطرأ على الوحه البشري من انفعالات مزاجية .
بقلم: جلال باباي
زر الذهاب إلى الأعلى