صدر اليوم بيان “إعلان الرياض” في ختام أعمال القمة السعودية-الإفريقية المنعقدة في الرياض، فيما يأتي نصه:
(خريطة التعاون السعودي-الإفريقي) – الرياض 10 / 11 / 2023م.
بناء على دعوة كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ملك المملكة العربية السعودية، عُقدت القمة السعودية-الإفريقية بتاريخ 26 / 4 / 1445هـ، الموافق 10 / 11 / 2023م، بمدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية؛ وذلك بهدف تطوير العلاقات بين الجانبين في مختلف المجالات، وتعزيزًا لأواصر التعاون المشترك، والارتقاء بعلاقات الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، وتثمينًا للروابط التاريخية بينهما.
وأبدى القادة المجتمعون ارتياحهم لأجواء الحوار المثمر الذي ساد القمة، وما تم التوصل إليه من توافق في وجهات النظر والرؤى؛ للمضي قدمًا حيال عدد من القضايا الإقليمية والدولية الراهنة، مؤكدين أن هذه القمة تمثل منعطفًا تاريخيًّا مهمًّا في علاقات الدول الإفريقية مع المملكة العربية السعودية (قلب العالم الإسلامي النابض)، وأنها ستفتح آفاقًا أرحب لمستقبل العلاقات بينهم، وتطويرها في المجالات كافة.
وجددوا الالتزام بتعزيز التعاون بين الدول الإفريقية والمملكة العربية السعودية على أساس الشراكة الاستراتيجية والمصالح المشتركة، والروابط الجغرافية والتاريخية والثقافية التي تتقاسمها القارة الإفريقية مع المملكة العربية السعودية.
وبدورها، أكدت المملكة العربية السعودية الروابط التاريخية مع القارة الإفريقية، واهتمامها بتطوير علاقاتها مع دولها كافة في المجالات السياسية والاقتصادية والاستثمارية والتجارية والتنموية والثقافية والاجتماعية.
وأشاد قادة الدول الإفريقية بدعم وتأييد المملكة العربية السعودية المبكر لانضمام الاتحاد الإفريقي كعضو دائم في مجموعة العشرين.
* الشأن السياسي والأمني والعسكري ومحاربة التطرف والإرهاب
وناقش المجتمعون تطورات الأوضاع في فلسطين، وأعربوا عن بالغ قلقهم حيال الكارثة الإنسانية في غزة، وشددوا على ضرورة وقف العمليات العسكرية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وضرورة حماية المدنيين وفقًا للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
وأكدوا أهمية الدور الذي يجب أن يضطلع به المجتمع الدولي في الضغط على الجانب الإسرائيلي لإيقاف الهجمات الإسرائيلية والتهجير القسري للفلسطينيين من قطاع غزة، الذي يعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني والقوانين الدولية.
وشددوا على ضرورة السماح بتمكين المنظمات الدولية الإنسانية من القيام بدورها في تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى الشعب الفلسطيني، بما في ذلك منظمات الأمم المتحدة، خاصة وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، ودعم جهودها في هذا الشأن.
وأكد المجتمعون ضرورة إنهاء السبب الحقيقي للنزاع، المتمثل في الاحتلال الإسرائيلي، وأهمية تكثيف الجهود للوصول إلى تسوية شاملة وعادلة للنزاع الفلسطيني-الإسرائيلي، وفقًا لمبدأ حل الدولتين، ومبادرة السلام العربية، وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، بما يكفل للشعب الفلسطيني حقه في إقامة دولته المستقلة على حدود 1967م، وعاصمتها القدس الشرقية.
كما أكد القادة احترام سيادة الدول، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وحسن الجوار على أساس مبدأ المساواة والاحترام المتبادل والمصالح المشتركة بين الدول وفقًا للقانون الدولي، وعزمهم على تطوير التعاون والتنسيق في المجالات الدفاعية، والتشديد على توحيد الجهود لمحاربة الإرهاب والتطرف بأشكاله كافة. كما بحثوا سبل تعزيز التعاون، وتنسيق الجهود، وتبادل الخبرات، بما يخدم ويحقق المصالح المشتركة، ويسهم في تحقيق الأمن والسلم في العالم، واتخاذ التدابير كافة اللازمة لمنع وقوع الجرائم الإرهابية بالتعاون الوثيق فيما بين دولهم، وتعزيز العمل في مجال نشر ثقافة الاعتدال والتسامح، وتحقيق الأمن والسلام، ومحاربة التطرف والغلو والإرهاب.
وشددوا على تكثيف التعاون في مجال الأمن البحري كأحد عوامل الاستقرار والتنمية للدول، بما يساهم في تعزيز وسلامة البيئة البحرية، والعمل المشترك لمكافحة الجريمة المنظمة وتهريب المخدرات والمؤثرات العقلية وغسل الأموال وشبكات التهريب الدولية، ومعالجة وضع اللاجئين والهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر وقرصنة السفن، بما يكفل مساهمة ذلك في تنمية واستقرار الدول الإفريقية، ومكافحة الجرائم العابرة للحدود بأشكالها كافة، وتعزيز ذلك بما يحقق الأمن والاستقرار لهذه الدول وشعوبها.
ونوهوا بانضمام المملكة العربية السعودية ورئاستها مجموعة التركيز المعنية بالشأن الإفريقي التابعة للتحالف الدولي ضد تنظيم داعش الإرهابي، إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المغربية وجمهوريتَي إيطاليا والنيجر، ودعمها لهذه المجموعة بمبلغ مليونَي دولار أمريكي.
وثمّن المجتمعون جهود المملكة العربية السعودية لإنشاء مجلس الدول العربية والإفريقية المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن.
* الشأن الاقتصادي والتنموي والتجاري والاستثماري
وأكد القادة عمق العلاقات التاريخية بين المملكة العربية السعودية ودول القارة الإفريقية؛ إذ قدمت السعودية خلال 50 عامًا دعمًا تنمويًّا بأكثر من (45) مليار دولار في العديد من القطاعات الحيوية، استفادت منه (46) دولة إفريقية.
وأشاد قادة الدول الإفريقية بمستوى العلاقات التجارية بين السعودية ودول القارة الإفريقية؛ إذ بلغ حجم التجارة بينهما 45 مليار دولار أمريكي لعام 2022م.
وأكدوا أهمية استمرار بذل الجهود لتعزيز التعاون التجاري والاقتصادي، وتشجيع الاستثمارات المشتركة من خلال تنويع التجارة البينية، وتعزيز العلاقات بين المؤسسات الاقتصادية في الجانبين.. مشيرين إلى المقومات الاقتصادية المتنوعة لدى السعودية والقارة الإفريقية، والفرص التي تقدمها رؤية السعودية 2030، والأجندة الإفريقية 2063 لتعزيز التعاون في شتى المجالات؛ وهو ما يشكل منفعة اقتصادية متبادلة بين السعودية ودول القارة الإفريقية. وشددوا على أهمية بحث سبل تفعيل وتعزيز التعاون المشترك في مجالات النقل والخدمات اللوجستية، وبالأخص في مجال الربط الجوي ومجال النقل البحري والموانئ، بما يحقق المصالح المشتركة بينهما.
واتفق القادة على تعزيز العلاقات الاقتصادية بين الجانبين في قطاعَي الصناعة والتعدين، وزيادة الصادرات غير النفطية.
ورحبوا بالنمو الملحوظ للتبادل التجاري بينهما خلال السنوات الخمس الماضية، كما نوّه الجانبان بارتفاع الصادرات السعودية غير النفطية إلى إفريقيا بمعدل نمو سنوي بلغ 5.96%، خلال الفترة من 2018 إلى 2022م؛ لتبلغ بنهاية العام الماضي (31.94) مليار ريال. كما رحب القادة بالمشاركة في مؤتمر التعدين الدولي الذي يُعقد سنويًّا تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين ـ حفظه الله ـ، المعنيّ بنشاط التعدين في قارة إفريقيا والشرق الأوسط وآسيا الوسطى، ويُعدُّ أحد أكبر المنتديات التعدينية على المستوى الدولي، ويلتقي فيه قادة التعدين والصناعة.
ورحبوا بنتائج المؤتمر الاقتصادي عالي المستوى الذي عُقد على هامش هذه القمة، وتم التوقيع فيه على أكثر من 50 اتفاقية ومذكرة تفاهم في العديد من المجالات الاقتصادية كالسياحة، والاستثمار، والمالية، والطاقة، والطاقة المتجددة، والتعدين، والنقل والخدمات اللوجستية، والزراعة والمياه، والاتصالات وتقنية المعلومات. كما تم التوقيع على عدد من الاتفاقيات في المجال الاجتماعي، كالثقافة، والموارد البشرية، والتنمية الاجتماعية، والرياضة.
ودعا إلى تعزيز الشراكات السعودية-الإفريقية في مجالات الطاقة والتعدين والزراعة والأمن الغذائي، وتمويل التنمية المستدامة، ودعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وتطوير الصناعات التحويلية، وتعزيز التجارة البيئية عبر الترويج لها، وتنظيم لقاءات دورية بين المصدرين والمستوردين في الجانبين، وبحث سبل تعزيز العلاقات مع الدول الإفريقية من خلال استكشاف مجالات الاستثمار والفرص المتاحة في ضوء رؤية الملكة 2030؛ إذ سيصل حجم الاستثمارات السعودية في القارة الإفريقية إلى نحو (96) مليار ريال سعودي، أي أكثر من (25) مليار دولار أمريكي، وسيقوم الصندوق السعودي للتنمية بتمويل مشاريع تنموية في القارة الإفريقية حتى عام 2030م، تصل مبالغها إلى نحو (18.75) مليار ريال سعودي، بما يعادل (5) مليارات دولار أمريكي، كما سيتم تمويل وتأمين الصادرات من المملكة العربية السعودية إلى القارة الإفريقية حتى عام 2030م بمبلغ (37.5) مليار ريال سعودي، بما يعادل (10) مليارات دولار أمريكي.
وفيما يخص مجال الطاقة أكدت الدول الإفريقية دور السعودية الريادي، ودور مجموعة دول (أوبك بلس) في تعزيز موثوقية أسواق البترول العالمية، واستقرارها.. والحاجة إلى ضمان أمن الإمدادات لجميع مصادر الطاقة في الأسواق العالمية.
كما أعربوا عن تطلُّعهم إلى بحث مجالات التعاون المشترك فيما يخص كفاءة الطاقة والطاقة الكهربائية والطاقة المتجددة، مثل “الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح”، وتطوير مشروعات من هذه المصادر، والعمل على توطين منتجات قطاع الطاقة. ورحبوا بإطلاق السعودية مبادرتَي (السعودية الخضراء) و(الشرق الأوسط الأخضر)، ودعمهم لجهود السعودية في مجال التغير المناخي بتطبيق نهج الاقتصاد الدائري للكربون، الذي أطلقته السعودية، وأقره قادة دول مجموعة العشرين.
وعبّروا عن تطلُّعهم إلى تنفيذ هاتين المبادرتين، كما أكدوا أهمية الالتزام بمبادئ الاتفاقية الإطارية للتغير المناخي واتفاقية باريس.
وأكدوا أهمية التعاون الاقتصادي والاستثمار المشترك بين السعودية والدول الإفريقية؛ لتحقيق التنمية المستدامة، والاستفادة من الموارد البشرية، وسلاسل الإمداد العالمية.
وأكدت السعودية تشجيعها للشركات والمستثمرين السعوديين على زيادة الاستثمارات النوعية في القارة الإفريقية في مختلف المجالات، ورحبت بالمستثمرين والشركات الإفريقية للاستفادة من الفرص الاستثمارية الضخمة التي توفرها رؤية السعودية 2030 وبرامجها ومشاريعها العملاقة.
وفي إطار تعزيز السعودية الجهود المشتركة مع الدول الإفريقية لتنمية الاقتصاد الرقمي، وتسهيل الوصول للحلول الرقمية، وتأكيدًا لدور السعودية الريادي في مشاركة أبرز النجاحات من القطاع الخاص في مجال الحكومة الرقمية، أطلقت السعودية -بالتعاون بين “هيئة الحكومة الرقمية” و”منظمة التعاون الرقمي”- مبادرة السوق الرقمي (إمباكت)، التي تركز على مشاركة الدول لنجاحاتها في مجال الحكومة الرقمية؛ وهو ما يسهم في تعزيز الوصول للخدمات الرقمية، ورفع جودة الحياة، وتنمية الاقتصاد الرقمي.
وتعكس هذه المبادرة التزام السعودية بالتعاون مع الدول الإفريقية؛ لتعزيز التنمية الرقمية، وتبادُل الخبرات والمعرفة، وتعزيز التعاون الإقليمي، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
* الشأن الثقافي والتعليمي والتواصل الحضاري
وأكد القادة أهمية تعزيز التعايش الحضاري والتسامح الإنساني بين المملكة العربية السعودية ودول القارة الإفريقية، ودعوا إلى تعزيز التعاون الثقافي بينهما في المجالات الثقافية كافة؛ بما يسهم في تبادل الخبرات، والمحافظة على التراث الثقافي، والعمل على زيادة تنظيم الأنشطة المشتركة في مجالَي الرياضة والشباب، وخلق مبادرات مشتركة. وأكدوا وضع تصور استراتيجي مشترك للتعاون الإعلامي السعودي-الإفريقي في مجالات التبادل الإخباري والإذاعة والتلفزيون، وتنظيم قطاع الإعلام، وأهمية تمكين المرأة؛ لتصبح عضوًا فاعلاً في الأسرة والمجتمع، وتنمية الوعي بين أفراد الأسرة والمجتمع حول مفهوم الإيذاء والعنف الأسري والآثار المترتبة عليه، ونشر القيم الاجتماعية والمبادئ التي تعزز تماسُك الأسرة، والمجتمع المدني، واستقرارهما، والتعريف بتاريخ القارة الإفريقية، وما يكتنزه من آثار وثقافات عريقة، وقواسم مشتركة بين الجانبين.
وأكد قادة الدول الإفريقية دعمهم لترشح السعودية لاستضافة معرض إكسبو 2030 في مدينة الرياض، وبذل الجهود كافة لدعم هذا الترشح.
ورحب القادة بترشح المملكة العربية السعودية لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم 2034.
كما رحبت السعودية بدعم السياسات والخطط والتوجهات التي من شأنها تطوير قطاع السياحة في دول الاتحاد الإفريقي، بالتنسيق مع منظمة الأمم المتحدة للسياحة العالمية والاتحاد الإفريقي، وتوفير الدعم الفني اللازم لتنمية القدرات البشرية والمؤسسات التعليمية في الاتحاد الإفريقي، والمساهمة في تطويرها لتحقيق الاستفادة المرجوة من القطاع السياحي لدعم التنمية الاقتصادية الشاملة في الدول الإفريقية.
وأكد قادة الدول الإفريقية أهمية تعزيز الرقابة الغذائية والدوائية في دول القارة الإفريقية، وزيادة التعاون المشترك لتعزيز برامج التنمية المستدامة لتحسين المستوى المعيشي لشعوب دولهم، وخلق فرص عمل جديدة، وخفض معدلات الفقر، وتوفير الغذاء، والحد من الجوع وفق خطة تنموية ترتكز على مجالات التنمية الإنسانية والزراعية والصحة والخدمات الإنسانية النوعية.
وأقر القادة توصيات القمة بشأن تشكيل مجموعات العمل الأربع (مجموعة الشأن السياسي والأمني والعسكري ومحاربة التطرف والإرهاب، ومجموعة الشأن الاقتصادي والتنموي والتجاري والاستثماري، ومجموعة الشأن الثقافي والتعليمي والتواصل الحضاري، ومجموعة الشأن الإنساني والصحي)، وأن تعقد أعمالها خلال ستة أشهر من انتهاء القمة؛ لمتابعة مخرجاتها.
كما أعرب قادة الدول الإفريقية عن خالص الشكر والتقدير لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، على استضافة المملكة العربية السعودية هذه القمة التاريخية، التي تعكس الدور القيادي الذي تضطلع به السعودية على الساحتَين الإقليمية والدولية، وما تتمتع به من احترام في المجتمع الدولي.