مجموعة طوق الياسمين في حفلها السنوي: يا لاّ نفرح يا لاّ نغني للحب والهناء…. وللإنسانية !
كتب الدكتور رضا القلال
بأصوات سيدات، في مراتب علمية متقدمة ومناصب إدارية، يغنين في إطار الهواية، وتابعن مسيرتهن في الغناء التي اخترنها وتعلقن بها. كلهن دخلن فلك الموسيقى بقلب العاشق المسكون، والمبدأ يقول: إذا تفانى الإنسان في عمله فإنه سيجني الثمار، وهذا ما حصل معهن في حضرة طوق الياسمين. لقد شهد جمهور مسرح محمد الجموسي حالة تفاعل تؤكد أن الرسالة وصلت بقوة في هذا الحفل الغنائي. لقد اتسم الجو بكثير من ملامح الفرح في ليلة، جعلها الديكور الأنيق، جميلة رقيقة كالقمر، تصدح من على ركحها الموسيقى الراقية والفن الرائع.
حمامات مدللة كانت ترفرف على الركح
لا شك أن مجموعة طوق الياسمين حالة موسيقة مرتفعة في مسيرة الموسيقى الهاوية بصفاقس، كان عطاؤها دائما متجددا، بالتنوع في الموسيقى وفي أذواق الغناء. وقد اشتغلت، ليلة 1 ديسمبر، بدرجة عالية من الحيوية وإشراقة الابداع. وأبانت عن عمقها الإنساني الخيري بتخصيص مداخيل هذا الحفل لفائدة جمعية شمس لرعاية ذوي الإعاقة الخصوصية ببئر علي بن خليفة، وهذا العمل مرصّع، بلا شك، بمعاني بديعة وبليغة. وحتى أجعل من مقالي منصة حافزة وإيجابية، لا بأس من أن اشير بكل لطف إلى هذه الملاحظات، منها تعثر الإضاءة في بعض الأحيان، وطغيان الموسيقى في أحيان أخرى على أصوات المطربات والمجموعة. ثم إذا قمنا بعملية بسيطة لبرنامج العرض ومدته، فإننا نجد أنفسنا مع أغنية كل 4,6 دقيقة تقريبا؟ !
بيت القصيد، دفتر موسيقى مجموعة طوق الياسمين طموح وممتدّ، وسامق باسق، منذ 23 سنة، وكم تهرول الأيام وتمرّ السنون ! وما أجمل أن تتقاطع الموسيقى الشامخة مع الدفاع عن القيم الإنسانية في فلسطين (تحيّة البداية على أنغام “أعطونا الطفولة أعطونا السلام” ل3 زهرات صغيرات هن بية عبد الناظر،هزار داود، ومجدولين بللعج) وفي بئر علي بن خليفة(كلمة منصور دومة، نائب رئيس الجمعية). وبإيجاز، الأصل في الموسيقى هو الفرح والجمال والحياة والعطاء. وكل المطربات كن حمامات مدلّلة على الركح، ومن آلات الموسيقيين وأناملهم الماهرة، صدحت، في أجواء المسرح، عذوبة بعزف رخيم يتسلل إلى الروح. والذين يدعون أن الفن والموسيقى والغناء والطرب والرقص والرسم … “حرام”… فهم يفكرون بأقدامهم بتعبير الفيلسوف الألماني نيتشة.. لقد توقفوا عن الحركة وعن العقل، وقولهم لا يصدر إلا عن عقل مصاب بالجمود الفكري، وبالتكرار والاتباع، وصد الحاضر والمستقبل.