أعلن مرصد رقابة عن تقديم شكايةٍ ضدّ مجموعة من المسؤولين الحاليّين والسابقين بالمجمع الكيميائي التونسي ووزارة الصناعة بخصُوص جملة التجاوزات والمخالفات القانونية وشبهات الفساد المتعلقة بالمعاملات التجارية بين المجمع الكيميائي التونسي (منشأة عمومية) وشركة “الكيميا” (شركة خفية الاسم يساهم فيها الخواص بأكثر من 60 ℅ من رأس مالها) وما ترتب عن ذلك من أضرار فادحة بالمجمع الكيميائي التونسي.
واستنَد المرصد في شكايتهِ على مجموعة من التّقارير الرقابية والمراسلات وغيرها من الوثائق التي تثبت الشبهات المذكورة وما نجم عنها من أضرار بمصالح المجمع، حيث تمتعت شركة “الكيميا” طيلة سنوات بشروط بيع وخلاص تفاضلية بتدخل مباشر من وزراء صناعة متعاقبين خلافا لبقية الحرفاء. وتم تقدير الخسائر بعنوان نقص المداخيل بما يناهز 100 مليون دينار.
وبالرّغم من سياسةِ المحاباة فإنّ الشركة المذكورة لم تلتزم بخلاص ديُونها تجاه المجمع والتي ناهزت 240 مليون دينار موفى سنة 2023، وفقا لما ورد بلاغ عام نشره مرصد رقابة.
ووفقا لذات البلاغ فإن هذه الوضعيةُ هي نتاج تواطؤ مسؤولين سامين بالمجمع الكيميائي قاموا بتمكين شركة “الكيميا” رغم تراكمِ ديونها من التزود بالمواد الأولية دون ضمانات، مما تسبب في عجز المجمع الكيميائي التونسي عن استخلاص ديونه لعدم توفر الضمانات الكافية وهو ما زاد في تدهور الوضعية المالية الصعبة للمجمع، حيثُ تضمّنت آخر القوائم المالية المصادق عليها الخاصة بسنة 2020 تسجيله لخسارة في حدود 450 مليون دينار، لتَصل مجموع الخسائر المتراكمة إلى 1400 مليون دينار موفى سنة 2020.
ما أنجرَّ عنه لجوء المجمع إلى الاقتراض بنسب فائدة مرتفعة لتمويل توريد المواد الأساسية.
هذه الوضعية أدت إلى عدم إيفاء المجمع الكيميائي بالتزاماته تجاه شركة فسفاط قفصة. حيث بلغت قيمة المستحقات غير المستخلصة بذمة المجمع ما قدره 564 مليون دينار موفى سنة 2022. وهو ما اضطر شركة فسفاط قفصة بدورها الى اللجوء الى الاقتراض بنسب فائدة كبيرة.
وبالرّغم من اجراء عديد المُهمات الرقابية بخصوص الملف التي أكدت التجاوزات المذكورة سالفا، وعوض اتخاذ الإجراءات القانونية والإدارية اللازمة، قامت وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة بزيارة رسمية إلى شركة “الكيميا” بتاريخ 26 أفريل 2024، ليتم إثر ذلك إصدار منشور على الصفحة الرسمية للوزارة يثني على مجهودات شركة “الكيميا” ويُثمن نجاحاتها.
وهو ما أثار الشُّكوك والشبهات في وجود تدخلات لصالح الشركة الخاصة على حساب المنشأة العمومية والمال العام.
وفي انتظار استكمال المسار القضائي وتحميل المسؤوليات، فإن مرصد رقابة، الذي يُتابع بشكل دقيق وضعيّة المجمع الكيميائي التونسي يدعو مجلس إدارة المجمع لاتخاذ الاجراءات اللازمة لضمان استخلاص مُستحقاته لدى حرفائه ، ويدعو سلطةَ الاشراف لتعزيز هذا المسعَى وعدم تعطيله حفاظا على مصلحة المنشآت العمومية وعلى المَال العام.
متى نفهم ان كل المنشات والشركات العمومية تعتبر من طرف اكبر مسؤول الى ابسط عامل من “رزق البيليك” ولن تتغير العقليات مهما غيرنا المسؤولين.
هذا العالم يسيره القطاع الخاص ولا فائدة ترجى من العناد والتمسك بالقطاع العام.