حذّرت دراسة حديثة نشرها المركز التونسي للدراسات الاستراتيجية التابع لمؤسسة رئاسة الجمهورية بعنوان « هجرة المهندسين من تونس: الأسباب والتبعات »، من أن تصاعد هجرة المهنسدين إلى الخارج يشكل خطرا على استقرار البلاد الاقتصادي والاجتماعي وتهديدا لمنوالها التنموي وقدرتها التنافسية وعائقا أمام دعم البحث العلمي.
وأشارت الدراسة إلى أن هجرة المهندسين التونسيين إلى الخارج تؤثر سلبا على تنمية البلاد الاقتصادية والاجتماعية وتضعف قدراتها على إنجاح تحولاتها البيئية والطاقية والرقمية وتطرح تحديات كبيرة أمام المؤسسات الناشطة في قطاعات التكنولوجيا في تونس باعتبارهم ركيزة أساسية لتحقيق التحولات الرقمية والطاقية والبيئية.
وحسب الدراسة فإن هجرة المهندسين التونسيين إلى الخارج تؤدّي إلى تآكل قاعدة الكفاءات اللازمة للتدريس والبحث العلمي وتعيق مبادرات البحث العلمي، وتزيد في التبعية التكنولوجية للخارج، وتضع من جاذبية تونس وقدرتها على جلب الاستثمارات المباشرة الأجنبية.
وبينت الدراسة أنه أصبح هناك نزعة كبيرة لاستقطاب المهندسين التونسيين من الخارج خاصة من قبل فرنسا وكندا وألمانيا وقطر وبلجيكا مع بروز وجهات جديدة مثل دول الخليج والولايات المتحدة وكندا خلال السنوات الأخيرة.
وعلى مدى العقدين الماضيين ارتفع عدد المهندسين المغادرين لتونس في اتجاه بلدان أجنبية وتسارع نسق هجرتهم من 972 مهندسا سنة 2000 إلى 1936 مهندسا سنة 2010 ليترفع عددهم إلى 3000 مهندس سنويا بعد 2014، وفق الدراسة.
وأرجعت الدراسة العوامل المسبّبة لهجرة المهندسين التونسيين إلى الفارق الشاسع في مستوى التأجير حيث يتقاضى المهندسين في الخارج ما بين 2500 و3000 أورو شهريا مقابل 1000 و1200 دينار في تونس في بداية حياتهم المهنية.
كما كشفت عن 7 أسباب رئيسية متسببة في تفاقم هجرة المهندسين التونسيين: تتعلق أساسا بظروف العمل غير الملائمة، وضعف التأجير، وتدهور البيئة المعيشية، وهشاشة مناخ الأعمال، والتأخر التكنولوجي، وضعف التكوين وعدم ملائمة النظام التعليمي لاحتياجات سوق الشغل، وانعدام الآفاق الواعدة للمهندسين في تونس.
وطرحت الدراسة بعض الحلول لاستبقاء المهندسين وتفادي هجرة الكفاءات من تونس منها تحسين ظروف العمل وتبسيط اجراءات العمل عن بعد ومراجعة هيكل التأجير وتحسين الامتيازات في القطاعات الاستراتيجية وتعزيز المسار المهني والتكويني وملاءمة النظام التربوي مع احتياجات السوق وتطوير المناهج التعلمية في الهندسة دوريا.
ينضاف إلى ذلك ضرورة تحسين البنية التحتية بتركيز بنية تحتية لشبكة الأنترنات عالية التدفق لدعم التحول الرقمي للمؤسسات على المدى القريب وتعميمها على المؤسسات التعليمية على المستوى المتوسط وتعزيز الاستثمارات في البحث العلمي والتطوير على المدى البعيد.
أما بالنسبة إلى تثمين الكفاءات من المهندسين وإعادة توطينهم في تونس، فقد دعت الدراسة إلى تحسين الحوافز المالية والضريبية وتعزيز التطور المهني وتطوير برامج استقبال المهندسين المغتربين وإدماجهم وتحسين الظروف المعيشية والاجتماعية وتعزيز البنية التحتية وخلق فرص العمل وتحفيز ريادة الأعمال وتعزيز الشراكات والتعاون الدولي.
وكانت دراسة أنجزها المركز التونسي للدراسات الاستراتيجية منذ أشهر قليلة بعنوان « هجرة مهنيي الصحة: رهانات المنظومة الصحية في تونس » قد دعت إلى فرض تعويضات مالية عن هجرة الكفاءات التونسية إلى الخارج من أجل الحد من ظاهرة هجرة الكفاءات إلى الخارج.
واقترحت الدراسة المذكورة فرض تعويضات في شكل اقتطاعات من الرواتب أو ضرائب توظف على أجور المغادرين باتفاق مع بلد المقصد، فضلا عن شرط الحد الأدنى لعدد سنوات العمل في بلد المنشأ، والتزام الخدمة المدنية بالمناطق ذات الأولوية.