يعيش الإتحاد العام التونسي للشغل أزمة عميقة هزت قواعد مناضليه وأنصاره وقياداته الجهوية السابقة وشريحة هامة من الشغالين والنقابيين البارزين، وكما يعيش الإتحاد عزلة بعد زوال الحاضنة الشعبية وسقوطه في بؤرة المعارضة وتفكيك شبكة علاقاته المتينة والتاريخية مع مراكز القرار والسلطة والحكم في البلاد، وتسجيل أضرار جسيمة بعد الهزات والضربات المتتالية التي وجهتها السلطة لأتباع الطبوبي وزمرته، وتضمنت حصيلة المواجهة أن وقع شن اقالات بالجملة طالت مقربين من الإتحاد وموالين له كانوا على رأس عدد من المؤسسات العمومية في البلاد، وبالإضافة لتحقيقات ومحاكمات شملت قيادات بارزة بإتحاد الشغل مورطة في ملفات فساد مالي وإداري وشبهات مختلفة وتم سجن عدد من النقابين الكبار وقع التستر عليهم خلال العشرية السوداء، وكما تم تحجيم دور الإتحاد واللوبيات المحيطة به على غرار عدد من الجمعيات والمنظمات الهجينة والمتحورة والتي من المرتقب أن تشملها حملة رقابة وتدقيق مالي من لدن السلطة في إنتظار قرار حل عدد من الأحزاب العشرية السوداء وجمعيات الإخوانجية مطلع السنة المقبلة تزامنا مع الإحتفال بعيد الثورة التونسية.
وظل دور الإتحاد محدود للغاية خلال كامل السنوات الماضية ولم يعد يتدخل في التعيينات الوزارية ولا التعيينات الكبرى على رأس المؤسسات العمومية، ولم يعد احد يراهن على الإتحاد سواءً من رجال الأعمال أو السياسيين الذين انتهت مسيراتهم في السجن أو الهروب من البلاد.
ولعل الخطر الداهم الذي يهدد مستقبل الإتحاد وبقاءه وينذر بزواله هو معدل الأعمار في صفوف قياداته حيث لن يعيش الإتحاد كثيراً مع تشكل تنظيمات وقيادات شبابية ضمن الجمهورية الجديدة.
زر الذهاب إلى الأعلى