صدر مؤخرا للباحثة في المجال الثقافي الاستاذة لمياء الحبشي كتاب بعنوان”نحو استراتيجية ثقافية: شذرات أدبية زمن المحنة الصحية”وهو منجز فكري من تقديم الكتور محمد التومي وفي تصميم لغلافه الانيق من قبل أسامة الغربي حيث طرح هذا الأثر عديد القضايا الثقافية و الاجتماعية و الأدبية و خاصة في فترات جائحة الكورونا،
ليفتح هذا المولود الجدي لصاحبته الباب لولوج عوالم البحث و التأليف و الكتابة الابداعية سترى النور قريبا وهذا الكتاب فيه احالة على فترة مهمة ذات خصوصية رغم مخلفاتها و مآسيها باعتبار ما تركته جائحة الـ”كورونا”من تداعيات و ارتداداتها على عدد من الأصعدة في تونس وخاصة على مستوى المجال الثقافي انتاجا ومنجزا ابداعيا وعلى مستوى التعاطي المنتهج من قبل الادارة الثقافية.
ويندرج هذا الأثر ضمن سياق”أدب المحنة”اذ يضم بين دفتيه مجموعة من النصوص والمواضيع التي تعنى بالشأن الثقافي توصيفا واستشرافا ليبحث في صيغ إدارة الأزمات من الداخل في الإدارة الثقافية للبلاد التونسية وينتهي الى تقديم وصفة استشرافية حول أوجه التصرف الحديث للإدارة الثقافية للخروج من هذه الأزمة وكل الأزمات الطارئة والمنتظرة ويكتسي الكتاب أهميته من عصارة تجربة صاحبته مع الادارة الثقافية التونسية اذ شغلت الاستاذة لمياء الحبشي خطة أمينة المكتبة العمومية بالدندان منذ منتصف التسعنيات ومنذ هذه البدايات حاولت تحسس خصوصيات مجال التنشيط الثقافي باستضافة عديد المبدعين من الجهة وخارجها ومصاحبة الفاعلين في المجال الثقافي عبر تنظيم حلقات حوار و أمسيات أدبية وشعرية و ملتقيات و ورشات تنشيطية للأطفال لتشغل بداية من سنة 2014 خطة رئيس مصلحة المكتبات بالمندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بمنوبة حيث فتح لها المجال أوسعا لارساء علاقة تفاعلية مع شبكة المكتبات العمومية بالجهة وهي حاليا كاهية مدير المطالعة العمومية بالمندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بمنوبة وعن فكرة اصدار هذا الكتاب أفادتنا مؤلفته ان بدايته كان بتحرير 11 مقالا ونصا نشروا على صفحات التواصل الاجتماعي وبعض المواقع الالكترونية وذلك خلال فترة زمنية امتدت من شهر أفريل 2020 إلى شهر جانفي 2021 و تميزت المرحلة الموالية بالخوض في مجال التأليف والسعي إلى بلورة هذه النصوص مع إضافة البعض الآخر من النصوص التي حررت زمن الأزمة الصحية بسبب كوفيد 19ثم كان ترتيب و تبويب هذه النصوص وتقسيمها إلى أقسام ثلاثة قسمت بدورها الى مجموعة من المباحث التي كانت وليدة مغامرة الإبداع وخوض تجربة الكتابة للمؤلّفة كمنفذ للخروج من التركيز المفرط في على أزمة الحجر الصحي بسبب جائحة كوفيد 19 وتداعياتها على جميع المستويات وفي محاولة منها للسيطرة العقلانية على الأحداث المربكة وتحويل المحنة الى فرصة للغوص والتطرق إلى عدة مواضيع يربط بينها قاسم مشترك وهو التكيف مع الأزمة و الثبات الانفعالي وتبديد المخاوف استنادا لما تتمتّع به مؤلفة هذا الأثر من خبرات وما عايشته من تحولات في الشأن الثقافي ومن تباين في الرؤى والبرامج وخطط التصرف والتسيير في القطاع والتي توقفت جميعها عند جائحة كورونا كنقطة تحول تفرض اتخاذ منحى جديد وغربلة ما مضى برؤية استشرافية ونظرة مجددة لآليات التصرف والتسيير الاداري والتنشيطي في المجال الثقافي خصوصا ان جائحة كورونا التي فرضت الانزواء والحجر على الناس والتي حرّكت في الأدباء والشعراء والباحثين ملكة الإبداع والخلق والانتاج الفني.