Centered Iframe
أخبار وطنية

العقربي يكتب عن ملحمة استعادة الدولة الوطنية

لم يجرؤ أحد قبل الرئيس سعيّد على الاقتراب من ال40 عائلة التي تحتكم على- و تتحكّم في مقدّرات الدولة منذ 1881 ، هذه العائلات التي تحالفت سرّا و علنا مع المستعمر لتستمدّ نفوذها منه قبل الاستقلال و بقيت وكيلة لمصالحه بعد رحيله .
هذه العائلات التي استعملت جمعيًة الأوقاف و استغلّت قانون حلّ الأحباس لافتكاك أراضي العائلات “التونسية بالفعل” و افتكّت كلّ مساحات النفوذ في النسيج الاقتصادي و في محاور السّلطة و استعملت الجهاز الإداري لتأبيد هذا الوضع عبر نظام الرخص و تقاسم القطاعات و العقّارات المنهوبة و كلّ ذلك في إطار منظومة مغلقة تمكّنت عبر مراحل من إحكام قبضتها على مقدًرات التونسيين و قدرهم و على الدّولة برمّتها .
تغيّر النظام السياسي في تونس عدًة مرًات و لكنً ارتباطات هذه العائلات بالخارج و نفوذها في الدًاخل سمح لها كلّ مرّة بفرض شروطها على السًلطة السياسية و الابقاء على نفوذها و مصالحها .
اليوم بوصول الرئيس سعيّد لسدّة الحكم من خارج هذه العائلات و من خارج دائرة نفوذها في الدّاخل و الخارج و بعد تجديد ثقة التونسيين فيه لولاية ثانية وجدت هذه العائلات نفسها في وضع صعب لم تتعرًض له منذ أكثر من قرن و نصف أمام رجل لا يعترف بالتسويات المشبوهة و لا بصفقات على حساب التونسيين .
حاولت هذه العائلات بكلّ قوّتها و نفوذها داخل النسيج الاقتصادي إفشال مسار الرئيس سعيًد باستعمال المال السياسي و تحريك الجمعيًات الحقوقية تحت الطلب و الأبواق المأجورة و لم تنجح في ذلك أمام الزخم الشعبي الذي أحاط بالرئيس سعيّد و امتداده في الطبقات المسحوقة ، هذه العائلات لم تستسلم لهذا المسار الشعبي و واصلت مؤامراتها لإرباك الأوضاع و تحريك الشارع ضدً الرئيس سعيّد عبر سحب المواد الأساسية من الأسواق و عبر الاحتكار و باستعمال كلً الوسائل القذرة التي تشبه نفوذها و أموالها لكًنها لم تتمكّن من تحريك الشارع و تأليب الرأي العام.
اليوم و بعد أن نجح الرئيس سعيّد في إزاحة الإسلام السياسي عن الحكم و تقديم المتورّطين من المجتمع السياسي للعدالة و بعد أن فقدت هذه الطبقة السياسية مصداقيتها بقيت أمام الرئيس سعيًد آخر المعارك و أكثرها صعوبة و تعقيدا وهي معركة استعادة الاقتصاد الوطني من قبضة مافيا “العائلات متعدّدة الجنسيات “و إعادة أرزاق المقهورين من التونسيين و تفكيك هذه الشبكة و امتداداتها و مصادرة أموالها المشبوهة .
إنّ الحرب الشعواء التي تخوضها الدّولة بأجهزة متماسكة على الفساد و الفاسدين و التي تقدّمت فيها أشواط و ذلك من خلال محاكمة عملاء هذه العائلات داخل الجهاز الاداري و الذين جمعوا ثروات من الحصص التي تسندها لهم ال 40 عائلة و نجحوا في تحييد الكفاءات الوطنيًة داخل الجهاز ، اليوم لا بدّ أن يكتمل مسار التحرير و التطهير بمحاكمة هذه العائلات على ما اقترفوه في حقّ التونسيين لضرب الفساد في مصدره و معاقله التاريخية و استعادة عشرات آلاف الهكتارات التي يستغلّونها إلى اليوم بعقود مشبوهة و بإسناد مباشر من الجهاز الاداري الذي كان يعمل لصالحهم و لمصالحهم.
إنً الشباب الهارب من وطنه في قوارب الموت و الكفاءات العلمية التي تغادر كلً يوم و كلّ ساعة إنّما يعود لفقدان الأمل و الحلم بالارتقاء في السلًم الاجتماعي و ذلك لهيمنة هذه العائلات على كلً منافذ الثروة و حتّى نوافذ الحلم حتّى أصبحت المسألة و كأنّها قدر محتوم.
لقد آن الأوان لتعود تونس لمكانتها التاريخية كقوًة اقتصاديّة كبرى قدّمت للبشريًة إنجازات كبرى منها المصارف التجارية البحرية و نظام الريً في القطاع الفلاحي و أنتجت واحدة من أقدم المؤسًسات السياسية على سطح هذا الكوكب “قرطاج” بشكل يجعل تلقّي دروس في الديمقراطيّة من دول أخرى إهانة كبرى لحضارة أكبر.
تدخل الدّولة اليوم مرحلة البناء و التشييد التي طال انتظارها و يتمّ الآن تغيير النسيج الاقتصادي عبر الشركات الأهلية و الالغاء التدريجي لنظام الرخص و الوصاية على القطاعات لكنً حرب استعادة الاقتصادي الوطني و الذي يمثّل صمّام الأمان للسيادة الوطنية لا يمكن أن تتحقًق إلاّ من خلال الشروط الموضوعية لذلك وهي إعادة الحقوق لأصحابها و محاسبة هذه العائلات و تجنّد القوى الوطنية و العقول و الكفاءات لاستعادة وطنهم و الذي لا بدً أن يستعيد مقامه الرفيع الذي انتزعه تاريخيًا بين كبرى الامبراطوريات.
سليم العڤربي

Centered Iframe

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى