سلّط موقع “إنسايد أوفر” الإيطالي الضوء على الجسر الجوي الذي أقامته روسيا مع ليبيا خلال الأيام الماضية، معتبرا أن الضفة الجنوبية للبحر المتوسط قد تصبح مسرحا جديدا للتوتر والتجاذبات الجيوسياسية بين موسكو وحلف شمال الأطلسي ( الناتو).
وقال الكاتب جوزيبي غاليانو في التقرير إن المعلومات التي نشرها موقع “إيتاميل رادار” حول الجسر الجوي بين روسيا وليبيا خلال الأيام الأخيرة يكشف عن طموحات موسكو في البحر المتوسط ويشير إلى تحوّل في إستراتيجيتها الجيوسياسية.
ووفقا لما كشفه الموقع المتخصص في رصد الرحلات الجوية، فإن طائرتين روسيتين من طراز “إليوشن 76 تي دي” تابعتين لوزارة الطوارئ الروسية تتناوبان في تأمين الجسر الجوي بين روسيا وقاعدة الخادم الجوية في برقة شرقي ليبيا.
وحسب الكاتب، فإن هذا التحرك يأتي في لحظة تغيير إستراتيجي بالنسبة لموسكو، حيث بدأت بسحب قواتها من قاعدة حميميم الجوية في سوريا، وركزت اهتمامها مجددا على قواعدها في ليبيا.
وأشار الكاتب إلى أن اختيار برقة كوجهة لهذا الجسر الجوي ليس اختيارا عشوائيا، إذ إن الشرق الليبي الخاضع لسيطرة قوات الجنرال خليفة حفتر، يمثل منطقة نفوذ إستراتيجي لروسيا.
وأوضح أن موسكو عملت خلال السنوات الأخيرة على ترسيخ نفوذها في شمال أفريقيا، وهي منطقة مهمة للسيطرة على البحر المتوسط وتدفقات الهجرة نحو أوروبا، مضيفا أنه مع تراجع النفوذ الروسي في سوريا بسبب الأوضاع الحالية واستنزاف الموارد الروسية في الصراع خلال السنوات الماضية، تبرز برقة كبديل واعد.
وأوضح الكاتب أن من أبرز المفارقات ضمن هذه الجهود الروسية، أن الجسر الجوي بين روسيا وليبيا يتم بالتعاون مع تركيا، العضو الوحيد في حلف الناتو الذي لم يُغلق مجاله الجوي أمام الطائرات الروسية.
وحسب رأيه، تلعب أنقرة دورا غامضا في ليبيا، حيث تدعم حكومة طرابلس ضد قوات حفتر، وتحافظ في الوقت ذاته على قنوات اتصال مفتوحة مع موسكو، وهذا الغموض يُعقّد مهمة حلف الناتو في الرد بطريقة متسقة على التحركات الروسية في المنطقة، ويزيد من مخاطر الانقسام داخل الحلف.
واعتبر الكاتب أن الجسر الجوي بين روسيا وليبيا والانسحاب من قاعدة حميميم يمثل تغييرا في نهج موسكو الإستراتيجي، ويكشف أن موسكو تُعيد حاليا توزيع مواردها لتعزيز نفوذها في مناطق يوفر فيها الفراغ السياسي وعدم الاستقرار فرصًا إستراتيجية، ومنها ليبيا التي تعيش حالة من الانقسام والتوتر السياسي.
وحسب رأيه، فإن ليبيا بسبب موقعها الإستراتيجي ووفرة موارد الطاقة لديها، من المنتظر أن تصبح بؤرة جديدة للتوترات الجيوسياسية.