الموانئ التونسية تُعتبر من أهم مفاصل الاقتصاد الوطني، لكنها تعاني من مشاكل جوهرية تتراوح بين التهميش، والفساد، وسيطرة اللوبيات. هذه الإشكاليات تؤثر بشكل مباشر على التجارة الخارجية، والاستثمار، وحتى على القدرة التنافسية للاقتصاد التونسي.
1. التهميش وغياب التطوير
رغم الموقع الاستراتيجي لتونس في البحر المتوسط، فإن البنية التحتية للموانئ لم تشهد تطويرًا يتماشى مع المعايير الدولية. على سبيل المثال، ميناء رادس، الذي يُعد الشريان الرئيسي للتجارة، يعاني من بطء في عمليات الشحن والتفريغ، وضعف الرقمنة، ونقص المعدات الحديثة. كما أن موانئ الجنوب، مثل ميناء قابس، لا تُستغل بالشكل المطلوب لدعم التنمية في الجهات الداخلية.
2. الفساد وعراقيل الإجراءات
يُعتبر الفساد أحد أبرز العوامل التي تعطل أداء الموانئ. تقارير عديدة، سواء محلية أو دولية، أشارت إلى انتشار الرشوة والمحسوبية في عمليات التوريد والتصدير، مما يؤدي إلى تعطيل الشحنات، وارتفاع تكاليف النقل، وفقدان الثقة لدى المستثمرين الأجانب. كما أن الإجراءات الإدارية المعقدة والمتشابكة تُستخدم أحيانًا كوسيلة لابتزاز أصحاب الشركات والمستوردين.
3. سيطرة اللوبيات وعلاقات النفوذ
الموانئ التونسية أصبحت ساحة لصراعات المصالح بين لوبيات مختلفة، منها شركات النقل الكبرى، وشبكات تهريب، وبعض رجال الأعمال النافذين الذين يفرضون نفوذهم على عمليات التوريد والتصدير. هذه اللوبيات تعرقل أي إصلاحات جادة تهدف إلى تحسين كفاءة الموانئ، وتستفيد من الوضع الحالي للحفاظ على امتيازاتها.
4. تداعيات الوضع على الاقتصاد
خسائر مالية كبيرة بسبب التأخير في تسليم السلع
هروب المستثمرين الأجانب نحو موانئ أكثر كفاءة في دول مجاورة مثل المغرب
ارتفاع تكلفة المواد الأولية بسبب العراقيل الجمركية والبيروقراطية
ازدهار السوق السوداء والتهريب نتيجة ضعف الرقابة
5. الحلول الممكنة
رقمنة العمليات في الموانئ لقطع الطريق أمام الفساد وتحسين الشفافية
تحديث البنية التحتية واعتماد أنظمة لوجستية أكثر تطورًا
كسر احتكار بعض الشركات النافذة عبر تشجيع المنافسة الحرة
تعزيز الرقابة المستقلة على الموانئ لمكافحة الفساد
إذا لم يتم تدارك هذه الإشكاليات، فستظل الموانئ التونسية عبئًا على الاقتصاد بدل أن تكون رافعة له. المطلوب إرادة سياسية حقيقية لكسر نفوذ اللوبيات وإصلاح القطاع جذريًا.