بتاريخ 30 أفريل 2025 ووسط أجواء احتفالية استثنائية، افتُتحت الدورة الخامسة من المهرجان الدولي للمسرح في الصحراء مساء الثلاثاء في قرية فطناسة بولاية قبلي، بعرض مسرحي ملحمي حمل عنوان “قصر الثرى”، جذب أكثر من 6000 متفرج من مختلف جهات الجمهورية، في واحد من أضخم العروض المسرحية التي احتضنتها الجهة.
العرض، الذي حمل توقيع المخرج حافظ خليفة وإنتاج شركة “فن الضفتين”, قدّم تجربة بصرية وشعرية آسرة، جمعت بين الرمزية التاريخية والبُعد المعاصر، مستلهمة من الذاكرة الشعبية وروح الجنوب التونسي. وقد تميّز النص الشعري بمساهمة كل من لمجد بن منصور، علي بن ناجي، والناصر الشايب.
وضمّ العرض ثلة من أبرز وجوه المسرح التونسي، من بينهم “دليلة المفتاحي، صلاح مصدق، سهام مصدق، عبد اللطيف بوعلاق، نور الدين العياري، لطفي الناجح، فاطمة الزهرتء المرواني، محمد بوبكر، أنور السقاي، كمال زهيو، نبيل بن جابر، وأحمد روين” كما أضفى الفنان العروسي الزبيدي بصوته المميز طابعًا خاصًا على العرض، مع إشراف زياد شقواي على هندسة الصوت، إلى جانب الحضور اللافت لـ فرسان نفزاوة، الذين أضفوا على العرض طابعًا فرجويًا مميزًا من خلال الاستعراضات الفروسية والرمزية التراثية. كما كانت مساهمة أبناء وبنات فطناسة مؤثرة وملموسة، سواء على مستوى الأداء الجماعي أو التفاعل الحي مع تفاصيل النص والمشهد.
العرض لم يكن فقط عرضًا فنيًا، بل كان أيضًا حدثًا ثقافيًا ومجتمعيًا، عبّر من خلاله أهالي فطناسة عن قدرتهم على احتضان الفن الراقي والمشاركة فيه، مما يعكس نجاح المهرجان في خلق تفاعل عضوي بين المسرح والمجتمع المحلي.
وتأتي هذه الدورة وسط اهتمام متزايد بالمسرح في الفضاءات المفتوحة، خاصة في الجنوب التونسي، حيث تحوّل الصحراء إلى مسرح طبيعي رحب يفسح المجال لتجارب فنية غير تقليدية، تستقطب الجمهور والسياحة الثقافية على حد سواء.
بـ”قصر الثرى”، افتتح المهرجان فصلاً جديدًا من الإبداع الملحمي، جامعًا بين الموروث والأداء الحي في توليفة مسرحية تُكتب في ذاكرة الفعل الثقافي التونسي.