
تقدم بعض الدول العربية دعما كبيرا لسوريا لمساعدة اقتصادها على التعافي والنهوض مرة أخرى بعد سنوات الحرب التي دمرت البنية التحتية والأسس الاقتصادية، كما تشارك الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة في الدعم عن طريق رفع العقوبات وإعادة دمج دمشق في الاقتصاد العالمي والأسواق المالية الدولية مرة أخرى.
وكانت سوريا في عزلة دولية خلال فترة الرئيس السابق بشار الأسد الذي سقط نظامه في شهر ديسمبر الماضي، بعد نحو 14 عاما من الاحتجاجات ضد حكمه التي تحولت إلى حرب أهلية مسلحة انتهت بسقوطه بطريقة دراماتيكية افتتاح البورصة وتفعيل شبكة المدفوعات أعادت الحكومة السورية الجديدة افتتاح البورصة لأول مرة منذ سقوط نظام الأسد، في 3 يونيو الجاري، وأعلن وزير المالية السوري محمد يسر بنية بداية “مرحلة الازدهار في الاقتصاد السوري”، عن طريق تسهيل الاستثمارات الأجنبية خلال الفترة المقبلة.
وقال وزير المالية في تصريحات أبرزها موقع “فرانس 24” وقت افتتاح البورصة إن بلاده بحاجة إلى سوق مالي على أعلى مستوي لتتمكن من التعامل مع الاحتياجات الاقتصادية والتحديات المقبلة، مؤكدا أن الفترة المقبلة ستشهد المزيد من الاستثمارات الأجنبية في سوريا.
وذكر سليمان موصلي نائب مدير سوق دمشق للأوراق المالية أن القطاع الاقتصادي في بلاده مزقته الحرب، مضيفا: “إحياء القطاع الاقتصادي أولوية قصوى، مع استغلال رفع العقوبات التي وضعت قيودا تكنولوجية على أنظمة السوق المالية التي أعاقت العمل في السنوات الماضية، والآن يمكننا استخدامها في التداول، وتفعيل الرقابة”.
وأعلن محافظ البنك المركزي السوري الجديد، عبد القادر الحصرية، في تصريحات نشرتها صحيفة “فاينانشال تايمز” الإثنين 9 جوان، إعادة ربط سوريا بشبكة “سويفت” الدولية للمدفوعات، مما يشير إلى تصحيح جديد في المسار الاقتصادي السوري، يعزز الاستثمارات الأجنبية ويجلب عدة فوائد.
وأشار الحصرية إلى أن سوريا ستعمل على شبكة “سويفت” خلال الأسابيع القليلة المقبلة، مما يعني ربط البلاد بالاقتصاد العالمي مرة أخرى بعد سنوات الحرب التي مزقت اقتصاد دمشق، وسيعني تفعيل شبكة المدفوعات في سوريا، سهولة التحويلات عبر المصارف السورية من وإلى الخارج، بالإضافة إلى استقبال تحويلات ملايين المغتربين السوريين بالخارج، مما يعزز من توفر العملات الأجنبية في البلاد.
دعم عربي سخي
ولمساعدة سوريا على النهوض السريع باقتصادها، قدمت بعض الدول العربية مساعدات واستثمارات عاجلة لسوريا، في مقدمتها دولة الإمارات التي تملك خبرة واسعة في مجالات النمو والاقتصاد وأعلنت وكالة الأنباء السورية الرسمية “سونا” توقيع اتفاقية بين الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية، وشركة موانئ دبي العالمية “دي بي ورلد”، بقيمة 800 مليون دولار لتطوير ميناء طرطوس على الساحل السوري.
كما ستؤسس الإمارات مناطق صناعية حرة على الساحل السوري، وموانئ جافة ومحطات عبور للبضائع في مناطق استراتيجية في سوريا، لدعم حركة التجارة والاقتصاد في البلاد، والمساهمة في نقلة نوعية في البنية التحتية البحرية والتجارية في البلاد.
يأتي ذلك بالتزامن مع إعلان الإمارات فتح الخطوط الجوية مرة أخرى عبر شركات الطيران المباشر بين البلدين، وأعلنت شركتي “فلاي دبي”، وطيران الإمارات، مواعيد الرحلات المباشرة، مما يعزز الاستثمار الإماراتي في سوريا، ويساهم في سهولة التنقل للسوريين وينشط الاقتصاد السوري .
وكان الطيران المباشر بين الإمارات وسوريا قد انقطع لمدة قاربت 12 عاما، قبل أن يعود ليسمح لنحو 350 ألف مقيم سوري في الإمارات بالعودة إلى بلاهم في أي وقت، مع تعزيز التسهيلات المصرفية والضريبية لتعزيز الاقتصاد السوري.
زيارات ميدانية للاستثمار
وبالإضافة إلى الاستثمار العربي المباشر في سوريا، يقوم رجال أعمال بارزين بزيارات ميدانية إلى المدن السورية، لبحث فرص الاستثمار وكذلك إعادة الإعمار وتأسيس البنى التحتية من جديد.
ويعتزم مؤسس ورئيس مجلس إدارة مجموعة الحبتور الإماراتية، خلف الحبتور، القيام بزيارة رسمية إلى سوريا خلال أيام، على رأس وفد رفيع المستوى من المجموعة يضم كبار المدراء التنفيذيين لبحث فرص الاستثمار وإعادة الإعمار، واستكشاف فرص التعاون مع الحكومة السورية.
وتحدث رجل الأعمال الإماراتي الشهير، الحبتور، قائلا: “سوريا بلد غني بالثقافة والتاريخ والشعب المتمكن، ونحن نؤمن بإمكاناته المستقبلية، ونرغب في أن نكون جزءا من نهضته من خلال المشاريع النوعية التي تخلق فرص عمل وتدفع عجلة النمو إلى التقدم”.
وأشار الحبتور إلى أنه ينظر بثقة كبيرة إلى سوريا، مضيفا: “نعتبر شراكتنا لهذا البلاد جزءا من واجبنا الأخلاقي والاقتصادي، من أجل بناء مستقبل مزدهر لسوريا”.
وتعمل مجموعة الحبتور التي تأسست عام 1970، في قطاعات عدة على رأسها، العقارات والفنادق والتعليم والسيارات، وتدير فنادق فاخرة في الإمارات والولايات المتحدة والمملكة المتحدة والنمسا والمجر ولبنان وعدة أخرى، وتعمل على ضم سوريا إلى قائمة الدول التي تدير بها استثمارات وأعمال تجارية ضخمة خلال الفترة المقبلة.