تلقت جريدة الحرية التونسية رسالة من المستثمر أيمن العمراني إلى رئيس الجمهورية،
وهذا ما ورد فيها:
سيدي الرئيس، أنا شاب تونسي، أرفع إليكم اليوم هذه الرسالة كصيحة فزع أخيرة، بعد أن ضاقت بي الأرض بما رحبت، وأنا أواجه تحيّلًا موصوفًا وممنهجًا، وتحملني ضغوطات الهرسلة الإدارية اليومية، فقط لأنني حاولت، بكل نية صافية، أن أكشف فسادًا إداريًا وماليًا كبيرًا تتورّط فيه أطراف نافذة، يبدو أنها فوق القانون.
بداية القصة كل شيء بدأ حين وقعّت عقد شراء وبيع مع ما يُسمى بـ”قصر الجوامع”، وهو عبارة عن إقامة ريفية تُسوّق على أنها مشروع سياحي. لم أكن حينها أدرك أنني بصدد الوقوع في فخ تحيّل محكم، تبين لاحقًا أنه يُخفي وراءه شبكة مصالح وفساد إداري ومالي كبير.
بعد توقيع العقد، بدأت الحقائق تتكشف تدريجيًا. اكتشفت أن هذه المؤسسة غير قانونية من الأساس؛ فهي لا تملك شهادة استغلال، ولا ترتيبًا سياحيًا، ولا شهادة فتح من أي جهة رسمية (وثيقة عدد 1). ورغم ذلك، فقد استمرت في العمل منذ سنة 2017 دون انقطاع (مؤيد عدد 2). والأدهى من ذلك أن قرار غلق قد صدر بحقها، ولكنه لم يُنفّذ إلى اليوم (مؤيد عدد 3.1 و3.2).
الغريب أن المالك استمر في استغلالها دون رقيب أو حسيب، رغم أنها غير قانونية تمامًا. ومن العجيب أيضًا أن المعني بالأمر حصل على منح مالية ضخمة من الدولة، على الرغم من أن المشروع لا يمتلك أدنى الشروط القانونية.
أكبر التحديات الصدمة الأكبر كانت عندما اكتشفت أن جزءًا من المشروع يتضمن أراضي تابعة لملك الدولة الخاص حسب شهادتين في صبغة أرض (مؤيد عدد 4 و5)، ورغم ذلك فقد وافقت مصالح الديوان الوطني للسياحة على ضمها للمشروع في تعد صارخ للقانون وفقًا للخرائط المعمارية الرسمية المصادق عليها من قبل الديوان الوطني للسياحة (وثيقة عدد 6 و 7) . وعندما طالبنا من مصالح الديوان في إطار طلب نفاذ للمعلومة عن كيفية الموافقة على ذلك وهل مدهم الضد بما يفيد الملكية أو التصرف لهذه الأرض والغرف، تبين أنه لم يقدم سوى شهادة مسلمة من عمدة الجهة تفيد بـ”التصرف” في الغرف فقط (مؤيد عدد 8 و9). وعند توجيه سؤال كتابي إلى مصالح الولاية، أكدت أنها لا تملك أي نسخة من عقود شراء الغرف، على عكس ما ذكرته الشهادة (مؤيد عدد 10). والأغرب من ذلك أن العمدة قدّم له شهادتين مختلفتين في سنتين متتاليتين، تحتويان على أرقام غرف مختلفة! (مؤيد عدد 8 و9).
الفساد المستمر وبعد التحقق من الأمر، تبين أن العمدة، المدعو ع/ف، ليس فقط موظفًا منح شهادة مزوّرة، بل هو شريك مباشر في عملية الاستيلاء على المشروع من مالكه الأصلي، السيد يوسف العدواني، الذي قدم بدوره شكوى رسمية لوزارة العدل ما زالت عالقة حتى الآن وقد مكننا من ما يثبت أنه أول من استغل المشروع .
على الرغم من أننا راسلنا جميع المصالح المعنية (الولاية، الديوان الوطني للسياحة وحتى المحكمة)، وأطلعناها على التجاوزات المرتكبة، فإننا لم نتلقَّ أي ردّ فعل جدي. ومنذ بداية 2023، ساد صمت مطبق وكأن الجميع متواطئ في إخفاء هذا الملف، رغم ثبوت التهم.
فساد آخر وأحداث مشبوهة أما عن الفساد الأوسع، فقد حصل المعني على رخصة كواد (Quad) من معتمدية أجيم، ثم تم نقلها في 25 جويلية 2024 (أي يوم عيد الجمهورية) إلى معتمدية ميدون، في ظروف مشبوهة، حيث تم رفض مطالب مواطنين آخرين في نفس الفترة بذريعة الاكتظاظ (وثيقة عدد 11).
البشير ..، المعني بالتحقيق، استولى أيضًا على الملك العمومي للطرقات “الممر بالمترجلين” دون أي ترخيص أو تدخل من السلطات المحلية أو الأمنية (مؤيد عدد 12).حاولنا بعدها الحصول على إجابة من مصالح ولاية مدنين لكنها واصلت الصمت فقمت بمراسلتهم عن طريق عدل منفذ حتى يتبين لهم جدية الموضوع.
سيدي الرئيس، أُعلم جنابكم بأن الطرف المقابل قد تمادى في تجاوزاته للضوابط القانونية، حيث أقدم على إنشاء محطة لركوب الجمال والخيول على الشاطئ المقابل لنزل “ياديس” بالمنطقة السياحية بميدون، وذلك دون الحصول على أي ترخيص قانوني، وفي غياب تام لأي تدخل من قبل الجهات الإدارية المختصة، رغم خطورة هذا الفعل ومساسه بالملك العمومي البحري ومخالفته للتراتيب المنظمة للنشاط السياحي والاستغلال التجاري للمناطق الساحلية. ألهذه الدرجة لم يلاحظوا تجاوزا بهذا الحد ؟؟
هذا التجاوز يُضاف إلى سلسلة من المخالفات السابقة، ويطرح بجدية مسألة التواطؤ أو التقصير الإداري المتكرر، مما يقتضي فتح بحث عاجل وتحميل المسؤوليات.
الوضع القانوني الحالي لقد تقدمت شخصيًا بشكاية جزائية إلى المحكمة الابتدائية بمدنين في أواخر 2023 المنشورة تحت عدد 28950 (وثيقة عدد 13) ، متضمنة وثائق رسمية تؤكد الاستيلاء على ملك الدولة. لكن الغريب أنه رغم تقديم كل هذه الأدلة، لا شيء تحرّك في التحقيق. بل على العكس، لا يزال المعني يستغل نفوذه لتقديم شكاوى كيدية ضدي.
سيدي الرئيس، أنني صاحب وكالة أسفار وأننا في ذروة الموسم السياحي …فقد وفقدت الاتصال بجل العملاء والوكالات التي أتعاقد معها …فأي تنكيل أكثر من هذا يجب أن أتحمل …
رسالة أخيرة سيدي الرئيس، لقد استنفدت كل السبل: من مراسلات للإدارة والقضاء، إلى محاولات لإيصال صوتي، ولكنني اصطدمت بجدار من التواطؤ والصمت المتعمد. لقد حاولت ثلاث سنوات أن أُثبت الحقيقة، واليوم، وقد بلغت مرحلة اليأس، أرسل إليكم كامل الملف، وأرسلته أيضًا إلى جريدة الحرية، ليُكشف هذا الفساد أمام الرأي العام.
خاتمة سيدي الرئيس، أنا لا أملك حماية، ولا ظهرًا سياسيًا، ولا نفوذًا إداريًا. أنا مجرد شاب آمن بدولة القانون، ولكنني صُدمت بأن هناك عصابات تلبس ربطات عنق وتختم الأوراق الرسمية.
أنا اليوم أرفع الراية البيضاء، وأشهد أمامكم أنني حاولت، ولكن الإدارة قد تغوّلت وتحوّلت إلى دولة داخل الدولة. أولئك الذين حكموا سابقًا لا يزال لهم اليد الطولى، والشعب أصبح ضائعًا في دوامة الفساد وحزب الإدارة.