تُحيي تونس اليوم الجمعة 25 جويلية 2025 الذكرى 68 لعيد الجمهورية، الذي بموجبه ألغي سنة 1957 النظامُ الملكي، وأسست أولُ جمهورية في تاريخ البلاد، ووُضعت ركائز نظام سياسي جديد بفضل نخبة تونسية مثقفة وملتزمة وواعية وشعب متشبّع بوطنيته ومتمسّك بحقه في تقرير مصيره.
وجاء إعلان الجمهورية المُوقع باسم رئيس المجلس القومي التأسيسي آنذاك جلولي فارس، بعد سنة ونصف من إعلان استقلال البلاد وكلُ كلمة أدرجت في هدا الإعلان كانت تحمل همومًا استطاع الشعب أن يزيحها ويرسُم مستقبلًا مضيئًا لبلد حديث الاستقلال.
وإعلان الجمهورية كُلف بمقتضاه رئيس الحكومة في ذلك الوقت الحبيب بورقيبة بتولي مهام اول رئيس للدولة: أحداث حاسمة كانت ولا تزال من أبرز المحطات التاريخية التي عاشتها تونس وشعبُها، فمنذ ذلك التاريخ تغير وجه البلاد ومشهدها السياسي، وشهدت الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية تحولات عميقة.
وبعد أن كان الـ25 من جويلية مناسبة للاحتفال وذكرى سعيدة بالنسبة للتونسيين تحوّل إلى أوقات صعبة وذكريات مؤلمة. والبداية كانت سنة 2013 عندما اغتيل في 25 جويلية من تلك السنة النائب في المجلس الوطني التأسيسي حينها محمد البراهمي برصاص الإرهاب الغادر أمام منزله وتحت أنظار عائلته. وأحدَث الاغتيال صدمة جديدة في نفوس التونسيين، فعصفت تداعياتها بالساحة السياسية. ولم تُفكّ عقدة هذه الأزمة إلا بتنظيم حوار وطني هدأ الأوضاع بعض الشيء، وأنقذ تونس من الوقوع في مستنقع الفوضى.
ولم تنته أوقات الشدة المرتبطة بتاريخ 25 جويلية، عند تلك السنة المصيرية في تشكيل المشهد السياسي في البلاد. وفي نفس التاريخ من عام 2019، عاش التونسيون أوقاتًا صعبة عندما توفي رئيس الدولة حينذاك الباجي قايد السبسي، بعد تدهور وضعه الصحي. ونظمت البلاد انتخابات رئاسية سابقة لأوانها امتثالا لمقتضيات الدستور.
وجاء 25 جويلية 2021 ليزيد ازدحام أجندة هذا اليوم، بقرار تجميد الرئيس قيس سعيّد البرلمان ومنح نفسه صلاحيات واسعة بموجب مراسيم رئاسية أربكت قواعد اللعبة السياسية وأثّرت على المشهد العام في البلاد وفي 2022 خطّت تونس في سجل تاريخها حدثا آخر هو الاستفتاء على الدستور الذي كتبه الرئيس سعيّد وأراده متمرّدًا على منظومة العشرية السابقة التي يصفها بعشرية الخراب.
ومنذ 1957 وإلى اليوم، لم يكن 25 جويلية بالنسبة لتونس مجرد يوم أو تاريخ بل كان يُمثّل- مع كلّ حدث يقع فيه- زلزالًا مدوّيًا يهز أركان البلاد ويفرض قواعده على حكوماتها وشعبها وأوضاعها العامة ومجالات الحياة المختلفة.
زر الذهاب إلى الأعلى