أجرت الجالية الكاميرونية المقيمة في تونس، يوم الأحد 12 أكتوبر 2025، الاقتراع الرئاسي في مقر سفارة الكاميرون بالعاصمة التونسية، في مشهد حمل رمزية وطنية ودبلوماسية عميقة.
فقد تحوّل مقر السفارة إلى نقطة التقاء بين الدولة والمواطنة، بين الانتماء والالتزام الديمقراطي، في لحظة عكست عمق التجربة السياسية الكاميرونية ووعي الجالية بأهمية المشاركة في صناعة القرار الوطني.
انتخاب في الخارج ومواطنة بلا حدود:
منذ الساعات الأولى من صباح الأحد، توافد أفراد الجالية الكاميرونية إلى مكتب التصويت AMBACAM TUNIS A، الواقع بمقر السفارة، حيث انطلقت العملية الانتخابية وسط تنظيم دقيق وإشراف دبلوماسي متكامل.
ولم يقتصر الدور الدبلوماسي على الإشراف الإداري فحسب، بل تعدّاه إلى تهيئة الظروف اللوجستية وتيسير تنقل الناخبين المسجلين، بما يضمن مشاركة شاملة وفاعلة.
إنها ممارسة ديمقراطية تتجاوز الإطار الإجرائي لتجسد تفاعل الدبلوماسية مع نبض المجتمع المدني في الخارج.
الدبلوماسية أداة لترسيخ الديمقراطية:
ما شهدته سفارة الكاميرون بتونس ليس مجرد حدث انتخابي، بل هو تمرين ديمقراطي ودبلوماسي في آن واحد.
فالسفارة، باعتبارها امتدادًا للسلطة السيادية في الخارج، أدّت دورها كجسر بين الوطن والمغتربين، مؤكدة أنّ الدبلوماسية ليست فقط تمثيلًا سياسيًا، بل مسؤولية مواطنية تجاه أبناء الوطن أينما كانوا.
وتبرز أهمية هذا الدور في تعزيز صورة الدولة الكاميرونية كدولة منفتحة على مواطنيها، حريصة على إشراكهم في مسارها الديمقراطي، ومتمسكة بمبدأ أن المواطنة لا تحدّها الجغرافيا.
نضج التجربة الديمقراطية الكاميرونية:
تُعدّ هذه الانتخابات مؤشرًا على نضج التجربة الديمقراطية الكاميرونية، التي استطاعت عبر عقود أن تبني مؤسساتها وتُكرّس حقّ الاقتراع كركيزة أساسية في الحياة السياسية.
وما يميز النسخة الحالية من الانتخابات هو حرص الجاليات الكاميرونية، ومنها المقيمة بتونس، على الانخراط الواعي والمسؤول في هذا المسار، في وقت تشهد فيه إفريقيا تحولات سياسية متسارعة تجعل من الديمقراطية التشاركية رهانًا استراتيجيًا لمستقبل القارة.
فمن خلال مشاركتها في تونس، وجّهت الجالية الكاميرونية رسالة سياسية واضحة مفادها أن الانتماء للوطن لا يُقاس بالمسافة، بل بالفعل والموقف.
كما أن هذا الحدث شكّل مناسبة لإبراز وجه آخر للدبلوماسية الإفريقية: دبلوماسية المشاركة والمواطنة، التي تتجاوز القاعات الرسمية لتصل إلى الناس وإلى صناديق الاقتراع.
بين الرمزية الوطنية والعمق الإنساني:
لقد جسدت انتخابات الجالية الكاميرونية في تونس تلاحم الدولة ومواطنيها خارج الحدود، في مشهد اتّسم بالانضباط والوعي والمسؤولية.
إنها لحظة تتجاوز بعدها الانتخابي لتؤكد أن الديمقراطية الكاميرونية لم تعد مجرّد ممارسة ظرفية، بل ثقافة متجذّرة في وعي المواطن الكاميروني، أينما وُجد.
وهكذا، تحوّل مقر السفارة إلى فضاء دبلوماسي ينبض بالحياة الوطنية، حيث التقت الإرادة الشعبية بالرمزية السيادية في لوحة تعبّر عن نضج التجربة السياسية الكاميرونية واستمرار رسالتها في تعزيز الوحدة والمواطنة.
نادرة الفرشيشي
زر الذهاب إلى الأعلى