Centered Iframe
أخبار عالمية

هل تستعد ألمانيا لحرب محتملة مع روسيا

      تُعِدّ ألمانيا وتُنفّذ “خطة عمليات ألمانيا” (OPLAN DEU) السرية، والمُكوّنة من 1200 صفحة، في حال نشوب حرب مع روسيا، والتي تنصّ على نقل ما يصل إلى 800 ألف جندي من وأمريكي وقوات أخرى تابعة لحلف شمال الأطلسي (الناتو) شرقًا إلى خط المواجهة. تُفصّل الخطة الجوانب اللوجستية والدفاعية، وتحدد الخطة الموانئ والأنهار والسكك الحديدية والطرق التي سيتقدمون عليها، وكيفية تزويدهم بالإمدادات وحمايتهم على طول الطريق. تُعيد الخطة إلى الأذهان عقلية الحرب الباردة، مُراعيةً التهديدات الحديثة ومشاكل البنية التحتية. فمنذ العام 2023 اجتمع 12 ضابطًا ألمانيًا رفيعي المستوى في مجمع عسكري في ​​برلين للعمل على خطة سرية في حالة الحرب مع روسيا. وهم الآن يسارعون إلى تنفيذها”.

روسيا مستعدة وراغبة في مهاجمة حلف شمال الأطلسي

يُقال إن الخطة تُمثل أوضح تجليات ما يُطلق عليه واضعوها نهج “المجتمع بأكمله” تجاه الحرب. وجاء في المنشور: “يُمثل هذا التشويش على الخط الفاصل بين المجالين المدني والعسكري عودةً إلى عقلية الحرب الباردة، ولكن مع تحديثها لمراعاة التهديدات والعقبات الجديدة من البنية التحتية المتهالكة لألمانيا إلى التشريعات غير الكافية وجيش أصغر حجمًا التي لم تكن موجودة آنذاك”. يقول مسؤولون ألمان إنهم يتوقعون أن تكون روسيا مستعدة وراغبة في مهاجمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في عام 2029. لكن سلسلة من حوادث التجسس والهجمات التخريبية والتوغل في المجال الجوي الأوروبي، والتي تنسب أجهزة الاستخبارات الغربية الكثير منها إلى موسكو، تشير إلى أنها ربما تستعد لهجوم مبكر.

الهدف هو منع الحرب

يعتقد المحللون أن “وقف إطلاق النار المحتمل في أوكرانيا، والذي تسعى الولايات المتحدة جاهدةً لتحقيقه خلال نوفمبر 2025، قد يُتيح لروسيا وقتًا ومواردًا للتحضير لعمليات ضد أعضاء حلف شمال الأطلسي (الناتو) في أوروبا”. وإذا نجحوا في تعزيز قدرة أوروبا على الصمود، يعتقد المخططون أنهم لن يضمنوا النصر فحسب، بل سيُقللوا من احتمالية الحرب. يقول ضابط عسكري رفيع المستوى وأحد أوائل واضعي الخطة المعروفة في الدوائر العسكرية باسم OPLAN DEU: “الهدف هو منع الحرب من خلال توضيح لأعدائنا أنه إذا هاجمونا فلن ينجحوا”.

أفادت التقارير أن خطة العمليات، “الواقعة ضمن شبكة عسكرية حمراء معزولة، هي في نسختها الثانية”، أنجز فريق الفريق أندريه بودمان، وهو من قدامى المحاربين في كوسوفو وأفغانستان، النسخة الأولى من الخطة بحلول مارس 2025، مستفيدًا من ملاحظات مجموعة متنامية من الوزارات والهيئات الحكومية والسلطات المحلية. كما ذُكر، يُولى اهتمام خاص للبنية التحتية. على المدى البعيد، تعتزم برلين إنفاق 166 مليار يورو بحلول عام 2029 على البنية التحتية، بما في ذلك أكثر من 100 مليار يورو على السكك الحديدية التي أُهملت لفترة طويلة، مع إعطاء الأولوية للبنية التحتية ذات الاستخدام المزدوج، وفقًا للنشر.

ألمانيا مجرد منصة انطلاق

في حرب مع روسيا، لن تكون ألمانيا دولة في خط المواجهة، بل مجرد منصة انطلاق. فبالإضافة إلى تدهور بنيتها التحتية، ستواجه ألمانيا انخفاضًا في قواتها العسكرية وتهديدات جديدة، مثل الطائرات المسيرة، كما أن العيوب في التشريعات في زمن السلم جعلت من الصعب على ألمانيا حماية نفسها من التخريب وهو أحد أكبر التهديدات التي تواجه OPLAN، يُقال إن الجيش الألماني متفائل بشأن تقدمه. وصرح ضابط ومؤلف مشارك في مشروع OPLAN: “بما أننا بدأنا من الصفر في بداية عام 2023، فنحن سعداء للغاية بما وصلنا إليه اليوم. إنه مشروع معقد للغاية”.

خطة للإنفاق الدفاعي بقيمة 500 مليار يورو

أعلنت حكومة ميرز الجديدة عن خطة للإنفاق الدفاعي بقيمة 500 مليار يورو والعودة إلى الخدمة العسكرية الإلزامية في العام 2025، كان الجيش الألماني يعمل بهدوء، ويصدر التعليمات للمستشفيات والشرطة وخدمات الإغاثة من الكوارث، ويبرم اتفاقيات مع الولايات الفيدرالية ومشغلي الطرق السريعة، ويضع طرق عبور للقوافل العسكرية”. ومع ذلك، لا يزال هناك عملٌ يتعين القيام به لمواءمة الخطة مع الواقع. وأن أكبر غموض يواجه المخططين هو مقدار الوقت المتاح لهم. نظراً للزيادة الحادة في أعمال التخريب والهجمات الإلكترونية والتوغل في المجال الجوي، فإن الخط الفاصل بين السلام والحرب يبدو ضبابياً بشكل متزايد. يقول المستشار الألماني فريدريش ميرز لقادة الأعمال في سبتمبر 2025: “التهديدات حقيقية. لسنا في حالة حرب، لكننا لم نعد نعيش في سلام”.

النتائج

تُظهر خطة العمليات الألمانية OPLAN DEU تحوّلًا استراتيجيًا عميقًا في التفكير الأمني الأوروبي، قائمًا على افتراض أنّ المواجهة مع روسيا لم تعد احتمالًا بعيدًا، بل سيناريو يجب التحسّب له خلال سنوات قليلة. يشير حجم الخطة، وامتدادها إلى 1200 صفحة، إلى مستوى غير مسبوق من التفاصيل العسكرية واللوجستية، بما يعكس إدراكًا ألمانيًا بأنّ أي صراع في أوروبا الشرقية سيضع برلين في قلب حركة الحشود والدعم، حتى لو لم تكن الدولة على خط النار المباشر. التركيز على الموانئ ومحاور النقل والسكك الحديدية يؤكد أنّ التحدي الحقيقي يكمن في القدرة على استيعاب ونقل مئات الآلاف من الجنود والإمدادات بسرعة وكفاءة، في ظل بنية تحتية تعترف ألمانيا نفسها بأنها متقادمة ومرهقة.

يبدو أنّ تقديرات الاستخبارات بشأن نوايا روسيا تتحرك بوتيرة أسرع مما كان متوقعًا، ما يرفع مستوى القلق الأوروبي. فحادثات التجسس المتزايدة، ومحاولات التخريب، والاختراقات الجوية، تشير إلى أنّ موسكو تختبر جاهزية أوروبا، وربما تُسرّع من خطواتها تحسبًا لظروف إقليمية مواتية. السيناريو الأكثر خطورة يتمثل في وقف إطلاق نار محتمل في أوكرانيا، إذ قد يتيح لروسيا إعادة تجميع قواتها وتنشيط خطوط إنتاجها العسكرية، ما يعزز قدرتها على الضغط مستقبلًا على دول الجناح الشرقي للناتو.

أما ألمانيا، فبينما تنشد بناء قدرة ردع تخيف الخصم وتمنع الحرب، تواجه تحديات بنيوية وتشريعية تجعل تطبيق الخطة أكثر تعقيدًا. فعودة الخدمة العسكرية الإلزامية، وزيادة الإنفاق الدفاعي إلى 500 مليار يورو، تعكسان إدراكًا بأنّ الجيش الألماني بحجمه الحالي غير قادر على تلبية متطلبات الردع أو الاستجابة. لكن نجاح هذا التحول يعتمد على قدرة الحكومة على تجاوز الثغرات القانونية، وحماية البنية التحتية من التخريب، وبناء تنسيق فعال بين المؤسسات المدنية والعسكرية.

من المرجح أن يحتدم السباق بين تعزيز القدرات الأوروبية ومحاولة روسيا استغلال أي فجوات زمنية أو سياسية. الخط الفاصل بين السلم والحرب سيظل ضبابيًا، وربما تزداد التوترات دون وصولها إلى مواجهة مباشرة إذا تمكن الناتو من إظهار جاهزية مقنعة. ومع ذلك، تبقى أوروبا أمام اختبار كبير: هل ستتحرك بالسرعة الكافية لبناء منظومة ردع حقيقية، أم ستظل خطواتها أبطأ من سرعة التحديات المتصاعدة؟

  نقلا عن المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات  ـ ألمانيا وهولندا ECCI

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى