Centered Iframe
أخبار عالمية

 اليمن: حضرموت.. تصعيد مسلح يضع الاستقرار الإقليمي على المحك

       في تطور جديد، تشهد حضرموت اليمنية مؤخرا، تصعيدا مسلحا، تقوده مجموعات قبلية في المحافظة، قد يضع الأمن الإقليمي على المحك، بحسب مراقبين.

نائب رئيس المجلس الانتقالي، وعضو مجلس القيادة الرئاسي، اللواء الركن فرج سالمين البحسني، أكد أن التصعيد الحالي قد يقود إلى «سفك الدماء وانهيار مؤسسات الدولة»، وأدان التحركات التي تقودها مجموعات قبلية بقيادة الشيخ عمر بن حبريش.

وأشار البحسني، إلى أن التصعيد المسلح، يهدد الأمن الإقليمي وتدفق الطاقة العالمي، وقال إن محاولة السيطرة على منشآت شركة «بترومسيلة» تمثل «عملاً تخريبيًا وانقلابيًا» أدى إلى انقطاع الكهرباء وتعطيل إمدادات الوقود في مدن الساحل والوادي، ما أدخل مناطق واسعة من المحافظة في حالة شلل خدمي.

وحث قبائل وأعيان حضرموت على الالتفاف حول «قوات النخبة الحضرمية» التي وصفها بأنها «صمام أمان للاستقرار والتنمية»، وشدد على ضرورة تحكيم العقل ولمّ الشمل»، خلال المرحلة الحرجة.

وأشار البحسني إلى أنه على بن حبريش المبادرة بتسليم نفسه للقوات الحكومية للتحقيق في الأحداث الأخيرة، محذراً من أن “الدولة ستتخذ إجراءات صارمة” إذا استمر التصعيد.

وشدد على أن الأجهزة الأمنية والعسكرية في الحكومة الشرعية لن تسمح بتحويل حضرموت إلى ساحة صراع قبلي أو ميداني، وأن كل من يهدد المنشآت الحيوية “سيُحاسب وفق القوانين النافذة”.

بؤر لداعش والقاعدة

وفي وضع مقلق، أشار فرج البحسني، إلى ظهور “بؤر لتنظيمي داعش والقاعدة، بالإضافة إلى تجمعات للحوثيين” في وادي حضرموت، حسب ما أفادت به قناة قناة “عدن المستقلة”.

وأشارت القناة، إلى تحركات عسكرية واسعة تتجه نحو مدينة سيئون—عاصمة الوادي والصحراء، فيما أوضح البحسني، أن القوات التي جرى نشرها في حضرموت جاءت “لمواجهة الإرهاب.”

وفي هذا السياق، كشفت وكالة الأنباء الصينية (شينخوا)، نقلًا عن معلومات استخباراتية، عن أن بعض الفصائل المشاركة في التصعيد نسّقت سرًا مع عناصر تابعة لتنظيم «القاعدة في شبه الجزيرة العربية».

وتتربص القاعدة بحضرموت منذ طردها منها من طرف قوات النخبة الحضرمية، سنة 2016، بعد سيطرة قصيرة، حولها التنظيم، إلى أحد أخطر معاقله، ونفذ إعدامات ميدانية بحق مدنيين وصحفيين، واستولى على موارد مالية كبيرة من عائدات النفط والموانئ.

الطاقة العالمية في خطر

في غضون ذلك، يشهد الممر الملاحي الممتد من بحر العرب مرورًا بخليج عدن وباب المندب وصولًا إلى قناة السويس، عبور كميات كبيرة من النفط والغاز الموجهة إلى أوروبا وآسيا، ما يجعل أي اضطراب أمني فيه عامل ضغط مباشر على أسعار التأمين البحري وكلفة الشحن وسلاسل الإمداد.

 ويؤكد مراقبون، أن لتصعيد العسكري الأخير، قد ينعكس على تدفقات الطاقة العالمية، في وقت تعاني فيه الأسواق أصلًا من توترات جيوسياسية متصاعدة،

وفي سياق متصل، دفعت شركة “بترومسيلة”، التي تعمل على التنقيب والإنتاج وتكرير النفط في منطقة المسيلة، إلى إيقاف أعمالها. وأوضحت أنها اضطرّت إلى وقف عمليات الإنتاج والتكرير بصورةٍ كاملة في حقول وآبار ومنشآت بقطاع (14) والقطاع (10).

وقالت في بيان، إن إيقاف أعمالها “يُعد إجراءً من أولويات قواعد الأمن والسلامة الأساسية والصارمة للصناعة النفطية في الحالات الأمنية الطارئة؛ وذلك حرصًا من الشركة على أرواح العاملين والمجتمعات المجاورة وعلى سلامة المنشآت في القطاع والحفاظ على البيئة في المناطق المجاورة”.

 وقالت إن توقف أعمالها يأتي حرصًا على عدم تعرض المواد النفطية والغازية في الخزانات والمنشآت لأي حادثٍ عرضي جرّاء أي اشتباكاتٍ مسلحة.” وأكدت أن “حدوث أي اشتباكاتٍ مسلحةٍ قد يؤدي إلى حوادث كارثية وخسائر هائلة، لا يُحمد عقباها.”

و”بترومسيلة”، هي شركة وطنية يمنية للاستكشاف والإنتاج النفطي، تعمل في حقول نفطية في محافظة حضرموت، وتدير محطة كهرباء غازية في وادي حضرموت بقدرة حوالي 75 ميغاواط، ويتمثل نشاطها، في إنتاج وتكرير الوقود (مازوت، زيت الوقود الثقيل) لتزويد محطات الكهرباء في ساحل ووادي حضرموت.

ومن جهتها أعلنت مؤسسة الكهرباء بوادي حضرموت خروج منظومة الكهرباء عن الخدمة وبشكل شبه كامل، وذلك نتيجة توقف المحطات الغازية بترو مسيلة والجزيرة عن العمل بسبب انقطاع إمدادات الغاز القادمة من شركة بترومسيلة.

وأوضحت في بيان، أن توقف الإمداد أدى إلى خروج ما يزيد عن 85% من القدرة التوليدية لمنظومة الكهرباء، الأمر الذي تسبب في انقطاع التيار الكهربائي عن معظم مناطق الوادي.

ودعت المواطنين إلى تقدير هذا الظرف الخارج عن إرادتها. وأكدت أن “الفرق الفنية في حالة جاهزية كاملة لاستئناف العمل فور استئناف ضخ الغاز ووصول الإمدادات اللازمة لتشغيل المحطات الغازية”.

وتعكس هذه التطورات، حجم التدهور المستمر في قطاع الكهرباء، حيث يعيش المواطنون أوضاعًا معيشية صعبة في ظل الانقطاعات الطويلة.

وتفاقمت الأضاع هناك، بعد إعلان حلف قبائل حضرموت بقيادة الوجيه القبلي القيادي في السلطة المحلية عمرو بن حبريش سيطرته على منشآت تابعة للشركة شرقي مدينة المكلا، عاصمة محافظة حضرموت.

انهيار وشيك

ومن جهة أخرى، حذّر رئيس التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية، الدكتور أحمد عبيد بن دغر، من تدهور خطير يهدد المناطق الخاضعة للشرعية. وأكد في رسالة أن محافظة حضرموت، التي كانت تُعد نموذجاً للاستقرار، باتت اليوم تقف “على شفير الانهيار”، وتنزلق نحو “الفوضى والانقسام المنذر بسفك الدماء”.

وأكد أن ما يجري في حضرموت ليس مجرد اضطرابات عابرة، بل هو “جرس إنذار أخير” يعكس حجم التآكل الذي أصاب بنية الدولة في المناطق المحررة. وقال إن الانتقال من الاستقرار النسبي إلى الفوضى المتصاعدة يكشف وجود فراغ أمني وإداري خطير، يستوجب معالجات عاجلة من قبل مجلس القيادة الرئاسي.

وشدد على أن الحل الوحيد المتبقي لمنع الانهيار يتمثل في توحيد القوى السياسية والعسكرية تحت راية مجلس القيادة الرئاسي، باعتباره الإطار الجامع القادر على استعادة مؤسسات الدولة وتفعيل دورها في مواجهة الانقلاب الحوثي. وتابع: “لقد تأخر الوقت، ولم يبق منه إلا القليل”، داعياً جميع الأطراف إلى تجاوز خلافاتها والاصطفاف خلف مشروع وطني ينقذ اليمن من سيناريو التقسيم والهيمنة الخارجية.

ومن جهة أخرى، قال الصحفي “خالد سلمان”، إن ما يجري في حضرموت يأتي في هذا السياق، عبر خلق بؤر توتر مفتعلة تهدف إلى إنهاك المجلس الانتقالي وإغراقه في صراعات داخلية، وصولًا للانقضاض عليه سياسيًا وعسكريًا وجغرافيًا. وأكد أن المشهد الحالي يتأرجح بين نزق قبلي مدعوم إخوانيًا يدفع نحو الحرب، ونضج سياسي وعسكري يمثله الانتقالي، يركز على تلبية مطالب أبناء حضرموت دون إراقة الدماء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى