في أجواء راقية ومفعمة بالدلالات السياسية والإنسانية، احتفلت سفارة دولة قطر بتونس بالعيد الوطني لدولة قطر، خلال حفل رسمي احتضنه فندق فورسيزونز بضاحية قمرت، بحضور رفيع المستوى ضمّ وزير الداخلية السيد خالد النوري، ووزير الصحة، ووزير الاقتصاد والتخطيط، ورئيس مجلس نواب الشعب، إلى جانب مستشار رئيس الجمهورية السيد وليد الحجام، وعدد من السفراء، والشخصيات السياسية، والدبلوماسية، والإعلامية البارزة.
شعار العيد الوطني: بكم تعلوا ومنكم تنتظر:الإنسان في قلب الدولة:
جاء إحتفال هذا العام تحت شعار «بكم تعلوا ومنكم تنتظر»، وهو شعار مستوحى من مقولة لحضرة صاحب السمو الشيخ “تميم بن حمد آل ثاني”، أمير البلاد المفدى، قدّم فيها اسمه للشباب خلال زيارته إلى جامعة قطر سنة 2016، في رسالة بالغة الدلالة تؤكد أن الإستثمار في الإنسان، وخاصة الشباب، هو الركيزة الأساسية لبناء الدول وصناعة المستقبل.
خطاب سعادة السفير القطري: علاقات لا تُقاس بالمصالح العابرة:
في كلمته، ألقى سعادة السيد المحترم “زايد بن سعيد الخيارين” سفير دولة قطر لدى الجمهورية التونسية خطابًا عميق المعاني، أكد فيه أن العلاقات التونسية القطرية لم تُبنَ على المصالح الظرفية أو التحالفات العابرة، بل تأسست على الأخوّة الصادقة، والاحترام المتبادل، والقيم المشتركة.
وأوضح السفير أن هذه العلاقات تطورت بخطوات ثابتة ومدروسة، لتشمل مجالات التعليم، والثقافة، والاستثمار، والتنمية، معربًا عن ثقته في أن التعاون بين البلدين لا يزال يحمل فرصًا واعدة وأكثر مما تحقق إلى اليوم.
فلسطين في صدارة الموقف القطري: العدالة أساس السلام:
وجدّد سعادة السفير التأكيد على موقف دولة قطر الثابت من القضية الفلسطينية، معتبرًا أن إقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشريف هي الطريق الوحيد لتحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة.
وشدّد على أن القضية الفلسطينية تمثل محكًا رئيسيًا لقياس عدالة النظام الدولي ومدى التزامه بالقانون الدولي والشرعية الدولية، مؤكّدًا أن قطر ستواصل دورها السياسي والإنساني في نصرة الشعب الفلسطيني.
قطر :دبلوماسية الوساطة وصناعة الحلول:
وتطرّق السفير إلى الدور المتنامي الذي تضطلع به دولة قطر كـقوة دبلوماسية فاعلة في الوساطة الدولية، بفضل قدرتها على فتح قنوات التواصل ومعالجة الملفات المعقدة عبر وساطات ممتدة عبر القارات.
وأشار إلى أن هذا الجهد ينبع من إيمان راسخ بأن مسؤولية تحقيق الأمن والاستقرار لا تعترف بالحدود الجغرافية، مستشهدًا بالوساطات القطرية في الأزمة الأوكرانية–الروسية، وخاصة في لمّ شمل الأطفال المتضررين من الحرب، إضافة إلى الجهود المكثفة التي تقودها قطر لوقف العدوان على قطاع غزة، مؤكّدًا استمرار العمل والضغط على جميع الأطراف، وخاصة دولة الاحتلال، من أجل وقف الحرب.
خطاب وزير الداخلية خالد النوري: شراكة متينة وتعاون يتجدد:
من جانبه، أكّد وزير الداخلية التونسي السيد خالد النوري، في كلمته، أن الاحتفال بهذه الذكرى المجيدة يستحضر مسيرة دولة قطر الشقيقة وما حققته من إنجازات رائدة، منوّهًا بالحركية المميزة التي عرفها التعاون التونسي القطري خلال السنوات الماضية.
وأشار الوزير إلى التطور الملحوظ في نسق تبادل الزيارات واللقاءات رفيعة المستوى، معربًا عن تطلع تونس إلى توسيع مجالات التعاون لتشمل قطاعات جديدة، بما يترجم رؤى قيادتي البلدين ويستجيب لتطلعات الشعبين الشقيقين.
قطر شريك استثماري استراتيجي لتونس:
وسلّط وزير الداخلية الضوء على التعاون التونسي القطري في المجال الاستثماري، مبرزًا أن قطر باتت تحتل مكانة هامة ومرموقة على خريطة الاستثمارات في تونس، في قطاعات حيوية وذات أولوية، على غرار الزراعة، والسياحة، والطاقة، والبنوك، والاتصالات.
وأكد حرص الدولة التونسية على توفير كل التسهيلات والتشجيعات اللازمة لضمان نجاح المشاريع والاستثمارات القطرية، بما يخدم التنمية المشتركة.
صندوق قطر للتنمية: أثر مباشر في حياة التونسيين:
وفي ختام كلمته، جدّد الوزير شكر تونس لدولة قطر على وقوفها الدائم إلى جانبها، مشيدًا بالدور الهام الذي اضطلع به صندوق قطر للتنمية، من خلال مساهماته النوعية في السكن الاجتماعي، ومياه الشرب، وغيرها من المشاريع ذات الأثر المباشر على تحسين ظروف عيش المواطنين.
كما عبّر عن تطلع تونس إلى توسيع نطاق هذه المساهمات ليشمل مجالات تنموية جديدة، تفتح آفاقًا أرحب للتعاون الثنائي.
مواقف ثابتة: فلسطين ورفض المساس بأمن قطر:
وجدد وزير الداخلية الدعم التونسي غير المشروط للشعب الفلسطيني الشقيق في دفاعه عن حقوقه المشروعة، مثمنًا الدور القطري المحوري في السعي لوقف العدوان الغاشم على قطاع غزة.
كما أكد رفض تونس القاطع لأي محاولة لاستهداف وحدة دولة قطر أو أمنها واستقرارها وسلامة شعبها الشقيق.
حين تلتقي الأخوّة بالإرادة تصنع الدبلوماسية مستقبلًا:
لم يكن هذا الاحتفال مجرد مناسبة وطنية، بل رسالة سياسية وإنسانية بليغة تؤكد أن العلاقات العربية، حين تُبنى على الثقة والاحترام والاستثمار في الإنسان، تتحول إلى قوة ناعمة تصنع الفرق.
بين تونس وقطر، تتجاوز الشراكة حدود البروتوكول، لتصبح التزامًا أخلاقيًا، ورؤية مشتركة، وإيمانًا بأن المستقبل يُصنع بالتعاون وبأن ما يجمع الشعبين أعمق من كل التحديات.
نادرة الفرشيشي
زر الذهاب إلى الأعلى