قالت مصادر عسكرية يمنية إن انقسامًا حادًا تشهده تشكيلات عسكرية موالية للتحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية، بعد خلافات حول أوامر بالتصعيد ضد قوات تابعة لـلمجلس الانتقالي الجنوبي المنتشرة في محافظة حضرموت، في تطور يسلط الضوء على توترات متزايدة داخل المعسكر المناهض للحوثيين.
وبحسب المصادر، فإن القيادة العسكرية السعودية في منفذ شرورة البري وضعت عائلات عدد من القادة العسكريين المنضوين ضمن تشكيل “قوات درع الوطن” تحت ما وصفته بـ“الإقامة الجبرية”، على خلفية رفض قيادات ميدانية تنفيذ أوامر بالهجوم على مواقع لقوات المجلس الانتقالي الجنوبي.
وقال ضابط في قوات درع الوطن، لموقع اليوم الثامن اليمني طالبا عدم ذكر اسمه ، إن ضابطًا سعوديًا رفيع المستوى أجرى اتصالًا هاتفيًا بقائد القوات العميد بشير المضربي، مطالبًا إياه باقتحام قاعدة عسكرية تتمركز فيها قوات تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي في حضرموت. وأضاف أن المضربي رفض تنفيذ الأوامر، وطالب الضابط السعودي بالتحدث “بلغة محترمة”، قبل أن يتلقى تهديدًا صريحًا باحتجاز أفراد من عائلته، وفقًا للمصدر.
وأفادت مصادر عسكرية لاحقًا بأن المضربي عقد اجتماعًا مع عدد من الضباط المنتمين إلى قوات درع الوطن، وجميعهم من التيار السلفي، وأطلعهم على التهديدات التي قال إنها صدرت من الجانب السعودي. وبحسب المصادر، فقد خيّرهم بين العودة إلى عدن أو البقاء ضمن القوة في ظل هذه الظروف، ليقرر جميع الضباط العودة إلى عدن وعدم الانخراط في أي مواجهة داخلية.
وقال مصدر مقرب من قيادة قوات درع الوطن إن هذه التطورات تزامنت مع تصريحات حكومية أثارت جدلًا واسعًا، أدلى بها نائب وزير الخارجية اليمني مصطفى النعمان، تحدث فيها عن وجود مشاورات داخل التحالف بشأن إمكانية التفاهم أو التنسيق مع جماعة الحوثيين.
وأضاف المصدر أن هذه التصريحات أثارت غضبًا واسعًا في أوساط المقاتلين، الذين خاضوا معارك ضد الحوثيين على مدى أكثر من عشر سنوات، بدوافع دينية ومذهبية، معتبرين أن أي حديث عن تحالف أو تنسيق مع الجماعة يمثل “انقلابًا على مبررات القتال السابقة”، وفق تعبيره.
وكان النعمان قد قال في مقابلة تلفزيونية مع قناة سعودية إن هناك “رغبة حقيقية” لدى أطراف إقليمية في بناء تحالف مع الحوثيين في مواجهة ما وصفه بـ“الخطر الجنوبي”، تحت شعار الدفاع عن الوحدة اليمنية، وهي تصريحات لم يصدر بشأنها توضيح رسمي لاحق من الحكومة اليمنية.
ويرى مراقبون أن هذه التطورات تعكس حجم التصدع داخل التشكيلات العسكرية الموالية للتحالف، في وقت تتزايد فيه الخلافات السياسية والعسكرية بشأن مستقبل الجنوب وترتيبات ما بعد الحرب. ويشيرون إلى أن اللجوء إلى الضغط على عائلات القادة الميدانيين، إن صحّت هذه الروايات، قد يؤدي إلى مزيد من الانقسامات وفقدان السيطرة داخل تلك القوات.
ولم يصدر تعليق فوري من وزارة الدفاع السعودية أو من قيادة التحالف بشأن ما أوردته المصادر العسكرية حول الإقامة الجبرية أو الأوامر الميدانية، كما لم يرد رد من الحكومة اليمنية على الاتهامات المتعلقة بمحاولات إشعال اقتتال داخلي في حضرموت.
في المقابل، يقول محللون إن رفض قادة ميدانيين الانخراط في مواجهة مع قوات جنوبية يعكس خشية متزايدة من الانزلاق إلى صراع داخلي جديد، قد يعمّق الانقسامات ويقوض أي مساعٍ لخفض التصعيد، في بلد أنهكته الحرب المستمرة منذ أكثر من عقد.
ويحذر هؤلاء من أن استمرار الضغوط الإقليمية على القيادات العسكرية المحلية قد يدفع بمزيد من الوحدات إلى الانسحاب أو إعادة التموضع، ما يفتح الباب أمام تحولات أوسع في خريطة السيطرة العسكرية جنوب اليمن.
زر الذهاب إلى الأعلى