لأوًل مرّة في تاريخ الدّولة الوطنيّة يكتشف الجميع أنّ لا أحد له حصانة من التتبّعات و لا تشفع لأحد اقترابه للسًلطة و لا مركزه في الجهاز الإداري و لا أمواله ،و ذلك جعل كلّ الفاعلين في الدّاخل و الخارج في حالة ذهول لهذه السابقة التي لا تشبه في شيئ ما مان يحصل في الداخل و ممّا يزيد في غرابة الوضع غرابة أنّ هذا التحوّل الجوهري و العميق أشرف على تحقّقه رجل من خارج كلّ دوائر السياسة و المال و النفوذ بحيث توجّهت كلّ العقول إلى الإجابة عن هذان السؤالان : من أين يستمدً هذا الرجل هذه القوّة و إلى أين ينتهي هذا المشروع؟
و الإجابة عن هذه الأسئلة في تقديري ليست معقّدة للدرجة التي يطرحها البعض حيث إذا دقّقنا النظر سنكتشف أنّ قادة الأحزاب قد تورّطوا في اللًهث وراء السّلطة و ما أن وصلوا لها اكتشفوا أنًهم غير قادرين على الحكم ببساطة لأنّ ليس لهم مشاريع حكم هم فقط نجحوا في التلاعب بالناخبين من خلال الوعود الكاذبة و الخطابات المصطنعة لتزييف الإرادات فضلا على المال السياسي و استعمال أجهزة الدّولة لأغراض سياسية …
هذا فيما يتعلّق بمن وصل للسلطة أمّا المعارضة فقد اكتفت بلعب أدوار لصالح الأحزاب الكبرى .
فيما يتعلّق بدوائر المال و الأعمال فمعظمهم جمع الأموال بسلطة الدّولة و العلاقة مع السلطة عبر تقديم فروض الولاء و الطاعة و الإسناد كلّما طلبت الدّولة ذلك يعني بشكل أدقّ هيّ علاقة ابتزاز متبادل و بنهاية حكم الدولة القوية و تفتيت السًلطة تحوّلوا إلى أفراد ضعفاء متفرّقين لا حماية لهم و بالتالي كان عمل السّلطة غير معقّد خاصّة بالجرائم التي ارتكبها معظمهم و بالتالي بمجرّد تطبيق التشريعات يجدون أنفسهم في السجون .
داخل الجهاز الاداري كانت المحاسبة أسهل باعتبار وجود قوى داخل الجهاز تطلب التغيير وًمكافحة الفساد فوجدت نفسها في نفسها في نفس خندق السًلطة بحيث تمّت محاصرة الفاسدين و إعداد ملفّاتهم من داخل الجهاز نفسه .
هكذا تمكّنت السلطة الحالية من محاربة الفاسدين في وقت وجيز في دوائر السياسة و المال و الإدارة و هذا يعلمه جميع الفاعلين لكن لا يقوله إلاّ من لم ينتمي و لن ينتمي لتلك الدوائر .
السؤال الثاني و المتعلّق بمآلات هذا المشروع ؟
الثابت و الأكيد أنّ هذه القوى تمّ إضعافها و أنّ الخلايا المتشابكة للدًولة العميقة تمّ نسفها و أنّ الساحة الداخليّة اليوم تحت سلطة الأجهزة و هذا يعني أنّ السلطة الحاليّة بدأت في إعادة تشكيل مشهد جديد من خارج القوى التقليدية هذا المشهد سيكون مستقلاّ بالفعل لا وجود فيه لارتباطات خارجية و سيتمّ تحديد الدماء للدّولة الوطنيّة رغم كلّ محاولات الارتداد من الداخل و الخارج و ذلك لأنّ الدّولة استعادت سلطتها على قرارها ، ما يحصل هوّ درس في العلوم السياسية يعلن تغيّر طبيعة المجتمع و العمل السياسي بحكم التحوّلات الحاصلة و مساحات التحرّر الجديدة التي سمحت بها الثورة المعلوماتية .
المطروح اليوم هوّ إسناد مشروع الرئيس سعيّد و المساهمة في البناء رغم الثغرات و المآخذات و الإيمان بالعمق التاريخي و الحضاري لهذا الوطن و بقدرة العقول التونسية على استعادة بريق هذه الأرض و فرض سيادتها على الجميع و الابتعاد عمّا يطرحه ضعاف النفوس و الخونة الذين تفنّنوا في تدمير دولة فقدت ذاكراتها و استعادتها في25 جويلية.
سليم العڤربي – جمعيّة موطن الياسمين
زر الذهاب إلى الأعلى