Centered Iframe
أخبار وطنية

الاعلام العمومي غياب تام في مرحلة دقيقة

   بقلم سليم العقربــي /

   لم يعد الاعلام العمومي يقوم بدوره الريادي في توجيه الرأي العام و التوعية و الارتقاء بالذوق الجماعي منذ فترة و تفاقم الوضع في السنوات الأخيرة بعد انتشار وسائط التواصل الاجتماعي و هيمنتها على حساب الاعلام الكلاسيكي المكتوب و المسموع و المرئي.

    اليوم تغيًر العالم و أصبح قرية بأتمّ معنى الكلمة بحيث أصبح التأثير الاجنبي عبر الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي قويّ خطير فيما يتعلًق بالمفاهيم الكبرى المتعلّقة بالسيادة الوطنيّة و الهويًة و هذا يطرح تحدّيات كبرى على الإعلام الخاصّ و العمومي بشكل خاصً.

   ما نراه اليوم إنّ الاعلام العمومي شبه مستقيل عن دوره الوطني رغم ضخامة الامكانات و وجود الكفاءات و التجربة و كلّ ممهدات النجاح و التألّق.

    حالة من العطالة و التخبّط و عجز عن التأثير في واقع التونسيين و حتّى عن نقله بأمانة و تخلّي واضح عن الدّور الوطني الموكل للاعلام العمومي و ملفًات مفتوحة تتعلّق بسوء الإدارة و أجهزة تمّ اقتناؤها بالعملة الصّعبة أتى الصدأ و امتيازات ممنوحة للموظًفين السامين لا نجد لها أثرا في آداء المؤسّسات و تأثيرها.

   من المؤسف أن نذكّر الاعلام العمومي بأنًه إعلام عمومي يتقاضى أجره من أداءات التونسيين لينقل مشاغلهم و همومهم و المظالم التي يتعرًضون لها و بأنّ الاعلام هوّ رسالة نبيلة تقتضي ممارستها نمطا خاصّا من التفكير و السلوك .

 اليوم تخوض البلاد معارك كبرى و تحاك ضدًها مؤامرات من الدّاخل قبل الخارج و يتمّ الاعتداء على المؤسًسات و الرموز و حتّى التاريخ لم يسلم منهم و الاعلام العمومي يشاهد ذلك كما يشاهده المواطنون و لم يسع لكشف الحقائق و لا لتقريب الصورة للبسطاء و من لم يستوعبوا ما يحصل في بلدهم .

  إنّ الفراغات التي تركها الاعلام العمومي يتمً استغلالها اليوم من طرف من هبّ و دبً لتزييف الحقائق و مغالطة الرأي العام و هذه مسائل في صميم عمل الاعلام العمومي الذي يمثًل واجهة الدًولة و بالتالي فالحديث يدور حول التخلًي عن واجب بما يلقي بالمسؤولية القانونية و الأخلاقية على إدارة الاعلام العمومي .

  إنّنا في عصر المعلومة بامتياز حيث يمكن لمعلومة أن تغيًر الكثير فهل يستوعب القائمون على الاعلام العمومي ذلك؟ هل يعلمون أنّه يمكن زعزعة استقرار دولة برمّتها بالأدوات المتاحة اليوم؟

لقد آن الأوان للالتفات لقطاع الاعلام العمومي و إعادة رسم سياسات جديدة تتلاءم مع مقتضيات التحوّلات على أرض الواقع و فتح الملفّات العالقة داخل هذه المؤسًسات الوطنية و تجديد إدارة الاعلام العمومي التي عجزت عن استيعاب المرحلة و الآداء الذي كان من المفترض أن تقدّمه .

     إنّ الاعلام العمومي هوّ واجهة السياسات العامّة للدًولة وهي نبض الواقع وهي البوًابة التي نشاهد من خلالها صورة الوطن في الداخل و الخارج و المرآة العاكسة لتاريخ حضارة بأسرها بكلّ زخمها و تفاصيلها و ثرائها و هذا ما لا نراه في مؤسًسات الاعلام العمومي الذي تحوّل إلى أداة متكلّسة و جامدة تجترّ تجارب سابقة لا معنى لها في واقع متحرّك كما أنّها تعاني من تأخّر تكنولوجي من حيث الصورة و الصًوت و من حيث طبيعة المواضيع و طرق التناول.

  إنّ معركة الاعلام العمومي في الظرف الحالي هيّ أخطر و أهمّ معركة في ظل تزايد تأثير الصفحات المشبوهة و المؤثرين العاملين لصالح جهات معينة و في ظل الحسابات المشبوهة و المدعومة sponsorisé و بالتالي فعلى الاعلام العمومي حماية المجتمع و مؤسسات الدولة و تقديم المعلومة الموثوقة و الرسمية و تبسيطها حتّى يتعوّد المجتمع على طريقة التعامل مع المعلومة و يكتسب الحسّ النقدي الذي يسمح له بغربلة الكمّ الوافد من الاخبار و المعلومات .

  إنّ مصداقية الاعلام العمومي باعتباره جهة رسمية تمثّل الدّولة يجب تثمينها و يجب أن يعود للاعلام العمومي بريقه مثل ما كان في فترات سابقة مع الأخذ بعين الاعتبار التحوّلات الحاصلة و ضرورة تجديد المناهج و الآداء و فسح المجال للطاقات الشابًة لخوض هذه المعركة بالأساليب الحديثة مع المحافظة على الخطوط العامّة و احترام السياسات العامّة للدّولة.

  فهل يتم التدارك في الايام القليلة القادمة قبل فوات الاوان خاصة ان بلادنا تقدم على أهم استحقاق وطني يتمثل في الانتخابات الرئاسية في شهر اكتوبر القادم ولم نلحظ ما يشير الى ذلك في الاعلام العمومي؟

Centered Iframe

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى