Centered Iframe
Centered Iframe
أخبار وطنية

جراد: المحكمة الادارية لن تكون دولة داخل دولة

كتب المحلل السياسي رياض جراد – ذذذذ

تفاعلاً مع النقاش العام و الجدل القانوني القائم اليوم تبعا لأحكام الجلسة العامّة للمحكمة الإداريّة، و أمام إمعان البعض ممّن فتحوا دورا للإفتاء، في ترويج الأكاذيب و مغالطة الناس، فإنّ الواجب الوطني المقدّس يفرض توضيح ما يلي:
1. إن القول بأن أحد القضاة الأعضاء في الجلسة العامّة للمحكمة الإداريّة في عطلة و لم تشارك في النظر في الطعون أو القول بأن القضاة الأربعة (أو الثلاثة) الأعضاء هم أقليّة من جملة 27 قاضٍ و بالتالي ليس لهم أي تأثير، كلام لا معنى له و مغالطة كبرى. لأنّ الجلسة العامّة لا تتّخذ قراراتها بالإجماع بل بالاغلبيّة فقط، و هذا يعني أن رأي قاضٍ واحد فقط من جملة الأربعة (أو الثلاثة) قادر على قلب الموازين و قلب منطوق الحكم بتحقيق هذه الأغلبيّة و تغيير منطوق حكمها.
2. إنّ نشر أسامي القضاة لا يعدّ خطأ قانونا، فالمبدأ أنّ المحاكمة علنيّة و لكل طرف حق الإطّلاع على أسماء من أصدر الحكم حتى يتثبّت إن ثمّة سبب للتّجريح من عدمه.
3 إنّ مطالب التّجريح تهمّ النّظام العام و يمكن إثارتها في كل طور و لو بعد طور المرافعة. و على المحكمة الإداريّة النّظر فيها و تعليلها تعليلاً سليما من النّاحية القانونيّة. لأنّ المادة الإنتخابيّة ذات طابع خاصّ و مرتبطة بمبدأ الأمن القانوني سيما و أن البلاد قانونا في وضعيّة حالة طوارئ.
4. إنّ النّظر في التّجريح في القضاة هو ذو وجاهة قانونا و ذلك لسببين؛ الأوّل هو صلة القرابة والمواقف والعلاقات السياسيّة. أمّا الثاني و الأهم فهو العداوة الواضحة حيث “يمنع عادة الشّاهد من تقديم تصريحاته بسبب العداوة الواضحة، فما بالك بالقضاة الذين يفصلون في أهمّ الملفّات القانونيّة”.
5. بموجب الفصل 249 من مجلّة المرافعات المدنيّة و التجاريّة فإنّ كل حاكم يعلم بموجب تجريح فيه بينه و بين أحد الخصوم يجب عليه التّصريح به. و المحكمة تنظر هل يلزم ذلك تخلّي الحاكم عن النّظر في القضيّة.. هذا يعني أن القاضي مطالب بالتّجريح في نفسه بصفة تلقائيّة بدون أن ينتظر أحدا ليفعل ذلك مكانه.
6. إن الحكم الذي يصدر دون الأخذ بعين الإعتبار التجريح المقدّم من الجهة الدستوريّة الوحيدة التي تضمن سلامة المسار الإنتخابي يفضي لإعتباره حكما غير نزيه و غير عادل و ينال من حقوق أحد المترشّحين. و هو في الآن ذاته سبب من أسباب المؤاخذة القانونيّة للقاضي المجرّح فيه و ينتج عنه بطلان أعماله و خاصّة القرار الإداري الصّادر و ما إنجرّ عنه عملا بالفصل 200 من مجلة المرافعات المدنيّة و التجاريّة بوصفها نصا عاما يطبّق حتى في المادة الإداريّة.
7. وفي ردّ خاصّ جدّا على القاضي وليد الهلالي، الذي أستغرب كيف يتجرّأ على القول بأن المحكمة الإداريّة في مواجهة دائمة مع السلطة ؟! ألا تعلم أنّكم تراقبون الشرعيّة الإداريّة فحسب ؟! و تلتزمون في إحكامكم بإمتياز السلطة العامّة و ترجّحونه على المواطن ؟! لذا أقول لك أنّ المحكمة الإداريّة التي نتشرّف بها كمواطنين تعمل داخل الدولة (ليست دولة داخل الدولة) و طبق مبدأ المساواة بين الجميع و ليس بمنطق المواجهة ضد السلطة الحاليّة لفائدة الخونة و العملاء.
8. لسائل أن يسأل الآن: ما هو أثر حكم المحكمة الإداريّة ؟
نجيب و بكل بساطة: أنّ ذلك الحكم ليس سوى نقض مسلّط على الوثائق اللّازمة بملف الترشّح و هو طعن نسبي لا يسحب البساط من الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات من مواصلة الرقابة على العمليّة الإنتخابيّة. ذلك أن الفصل 134 من دستور 25 جويلية 2022، الذي أقرّه الشعب التونسي، نصّ صراحة على أنّ الهيئة لها حصرا صلاحيّة ضمان سلامة المسار الإنتخابي، نزاهته و شفافيّته و تصرّح بالنتائج.
و عليه، علاوة على ضرورة الإطّلاع على تعليل القرار الإداري الصّادر في خصوص المرشّحين، يمكن للهيئة العليا المستقلة للإنتخابات مواصلة التثبّت من الشّروط و الأسباب الضّامنة للنزاهة والشفافيّة للانتخابات و لها أن تفرض تطبيقها و تنفيذها و هذا دور حصري أوكله لها الدستور.
و عليه، فإن الحكم الصادر هو نقض في خصوص ملف الترشّح و لا يفضي لقبول المترشّح في القائمة النهائيّة إلا بعد الإطّلاع على مدى إستيفاء بقيّة الشّروط أو عدم وجود موانع قانونيّة أساسها أحكام جزائيّة أو بطاقات جلب دوليّة أو تزكيات مدلّسة.
9. أخيرا، بخصوص ما صرح به أحمد صواب بان أحكام التّجريح لا تطبّق على المحكمة الإداريّة في النّزاع الإنتخابي. نؤكد مجدّدا أن مجلّة المرافعات المدنيّة و التجاريّة هي المجلة الأم في الإجراءات خاصّة في باب مؤاخدة الحكام و قد صدرت قبل صدور قانون المحكمة الإداريّة سنة 1972 و عليه يقع تطبيقها طالما لا يوجد نص صريح يستوعب أحكامها أو يلغي تطبيقها صراحة.
والسلام على من إتّبع الهدى.

Centered Iframe

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى