يقول موليير االأشجار بطيئة النمو تثمر أفضل الثمارب، وفي عالم يفرض الإيقاع السريع على الجميع، أصبحنا نشعر أننا مطاردون بمهام وهمية تجعلنا نسرع لننجز شيئًا ما لا نعرفه، فيصعب علينا الاستمتاع بالحياة والوقت، وتزدحم جداولنا دون أن نعرف السبب. لكن هل هذا حقًا ما يجب أن تكون عليه الحياة؟ هل الوتيرة الأسرع هي الأفضل دائمًا؟ قد تجعلنا السرعة نشعر بالإنتاجية والأهمية، لكنها في الوقت نفسه تشعرنا بالتوتر والإرهاق.
حياة أبطأ.. استمتاع أعمق
نمط الحياة السريع يؤدي إلى التشتت، وهو ما ينعكس بصورة سلبية على الصحة النفسية والجسمية، كما يؤثر في جودة الإنتاجية، وعندما تعيش حياة مزدحمة مشتتة، تفقد فرصة اكتشاف الأشخاص والنشاطات والأحداث المؤثرة في حياتك، بينما يسمح التباطؤ بتحديد الأولويات والتركيز عليها.
يؤدي الانشغال المفرط إلى الشعور بالإجهاد؛ بسبب إطلاق هرمون (الكورتيزول) الذي يُعرف باسم Qهرمون التوترب، وهو ما يؤدي إلى مشكلات صحية؛ مثل: القلق والاكتئاب وارتفاع ضغط الدم وزيادة الوزن، بينما التباطؤ يمنح الجسم فرصة للاسترخاء والشفاء وإعادة ضبط النفس.
وقد يساعد التباطؤ على زيادة الإنتاجية، إذ يؤدي التسرع إلى ارتكاب الأخطاء، كما أن الجدول المكتظ بالمهام والواجبات يشعرك بالتأخر على الدوام، وهو ما يصيبك بالإحباط، بينما تخفيف الجدول يمنحك فرصة التركيز على المهام الضرورية.
ولا يعني التباطؤ التقصير في الواجبات، ولكن أن تؤدي جميع المهام بتركيز وكفاءة أكبر، كما يساعد التباطؤ على الاستمتاع بالأشياء الصغيرة والأحداث اليومية التي تبدو عادية؛ مثل: قضاء وقت ممتع مع الأطفال، أو الالتفات للأشياء الصغيرة الجميلة من حولك، فتنظر بصورة مختلفة وإيجابية للحياة.
ابحث عن المتعة
كن حاضرًا بكل ما تفعله، وإذا تشتّت عقلك عن اللحظة الحالية أعِد نفسك بلُطف إليها، لتركّز على ما تفعله الآن، وعلى البيئة والأحاسيس من حولك.
على سبيل المثال، تناول الطعام ببطء بدلًا من التهامه، من أجل الإحساس بالمذاق والنكهة والانتباه للألوان وطريقة التقديم. وعند غسيل الأطباق، بدلًا من التعامل معه على أنه عمل مملّ، يمكن الانتباه لملمس الماء على الأصابع وشكل الرغوة على الأطباق، ورائحة الصابون التي تملأ أجواء المطبخ في هذه الأوقات.لا يتوقف الأمر على تناول الطعام أو غسيل الأطباق فقط، لكن يمكنك اتباع هذا النهج الهادئ المتباطئ خلال قيادة السيارة، والانتباه للطريق وما يحيط به من تفاصيل، وخلال الحديث مع الأصدقاء والأبناء الذين أصبحنا نتواصل معهم بنصف وعي فقط؛ بسبب تركيزنا مع الهواتف المحمولة، وشعورنا المستمر أننا في عجالة من أجل شيء ما.
ابدأ يومك ببطء
ربما يبدو بدء اليوم ببطء خيارًا صعبًا بسبب الحياة المتسارعة؛ لكنه في الوقت نفسه يستحق أن نبذل بعض الجهد لتجربته والمواظبة عليه.
لا توجد طريقة صحيحة أو خاطئة في ممارسة نمط الحياة البطيء، وكل شخص يمكن أن يجد هدوءه بطريقته الخاصة، فالصلاة بخشوع جزء من االروتينب الصباحي الهادئ، ويمكن أن تكون الموسيقى أو تحضير الإفطار وممارسة بعض التمارين الرياضية وإكمال بعض الأعمال المنزلية السريعة، خيارًا مناسبًا للهدوء لتقليل التوتر الصباحي.
وضمن االروتينب الصباحي افتح الستائر، ودعْ ضوء الشمس الطبيعي يغمر الغرفة؛ لأن ضوء الشمس الطبيعي يوقف إنتاج هرمون الميلاتونين اهرمون النومب، ما يساعد على الشعور بالنشاط. وتحرك ولا تبقى في السرير فترة طويلة، ولا تقترب من هاتفك المحمول بمجرد استيقاظك.
أضف بعض المساحات البيضاء إلى جدولك
إزالة الفوضى من المنزل تعدّ إحدى الطرق المثالية التي تساعد على الحياة بهدوء أكثر، عندما يكون لديك أشياء أقل ستحتاج إلى وقت أقل للترتيب، ولن تستنزف في مهام تنظيف يومية بلا جدوى، وتذكر دائمًا أن كل قطعة زائدة تزيلها من منزلك، تضيف لك الوقت والطاقة والهدوء.
ليس المنزل فقط؛ ولكن جدولك اليومي -أيضًا- بحاجة إلى بعض المساحات البيضاء، أَزِلْ النشاطات والالتزامات غير الضرورية لتشعر بالقدرة على التنفس. ألقِ نظرة على التقويم، وحدّد أولوياتك وأولويات عائلتك، ولا تضف ضغوطًا جديدة على كاهلك لمجرد مواكبة ما يفعله الآخرون.
توقف عن المقارنات
يقول ثيودور روزفلت االمقارنات هي سارق المتعةب، هذه الجملة من أهم الشعارات التي يمكن أن نعيش بها، حيث يمكن أن نكون راضين تمامًا عن حياتنا، حتى نبدأ في إجراء المقارنات مع الآخرين. تعهّد بالتوقف عن مقارنة حياتك بحياة أي شخص آخر.
من المهم الالتزام بتحسين النفس وتطوير الحياة، لكن في الوقت نفسه يجب أن تملأ نفسك بمشاعر الرضا عما تملك في حاضرك، وركّز على ما يهمك شخصيًا، وليس ما يهم أي شخص آخر.
زر الذهاب إلى الأعلى