عقد مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والاقاليم اليوم الاثنين 21 أكتوبر 2024 جلسة عامة ممتازة بمقر مجلس نواب الشعب، برئاسة السيد إبراهيم بودربالة، وحضور السيد عماد الدربالي رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم ورئيس الحكومة والوفد الوزاري المرافق له. وخصّصت الجلسة لأداء اليمين الدستورية من قبل رئيس الجمهورية السيد قيس سعيّد إثر انتخابه لولاية ثانية وذلك عملا بأحكام الفصل 92 من الدستور.
واستهلّ السيد إبراهيم بودربالة الجلسة العامة الممتازة بكلمة رحّب فيها برئيس الجمهورية وبرئيس الحكومة وبأعضاء مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم. كما قدّم التهاني لرئيس الجمهوريّة بمناسبة انتخابه لعهدة ثانية ونيله مجدّدا ثقة الشعب التونسي .
وعبّر رئيس المجلس عن إعتزاز الوظيفة التشريعية بغرفتيها باحتضان هذا الحدث الهام ولقاء رئيس الجمهورية في رحاب مجلس نواب الشعب، واعتبر أن هذه اللحظات الفارقة التي تعيشها تونس اليوم هي أكبر مترجم لسلامة الخيارات المتبّعة وصوابها للقطع مع تردّي الأوضاع السياسية والسير بثبات وحكمة وتبصّر نحو استعادة هيبة الدولة وسيادتها.
وبيّن رئيس مجلس نواب الشعب ان نجاح المسار الذي تنتهجه تونس منذ 25 جويلية 2021 برهن ان الشعب التونسي هو مصدر السلطات وصاحب السيادة وأنّه يؤيّد المناهج المتبعة ويصطفّ وراء خيارات وتوجهات رئيس الجمهورية، لا سيما من خلال منحه الثقة مجدّدا لمواصلة سياسة محاربة مظاهر الحيف والفساد والتصدّي لكلّ ما يعرقل تقّدم البلاد، واعتبر ان تجديد الثقة في رئيس الجمهوية يبعث برسالة طمأنة للجميع وهو عنوان إنطلاقة نحو مزيد البذل وتعزيز للمنجز لمواجهة التحديّات وتحقيق طموحات التونسيين وترسيخ حقّهم في التوق نحو الأفضل والرقي والازدهار.
ودعا السيد إبراهيم بودربالة إلى ضرورة تضافر الجهود والشعور بالمسؤولية المشتركة والاستجابة لنداء الواجب بهدف تحقيق ما نصبو إليه جميعا، مضيفا أن الوظيفة التشريعية برهنت على قدرتها على تحمّل المسؤولية الملقاة على عاتقها لمواجهة التحديات والاستجابة للتطلّعات، في جوّ من الانسجام والوفاق والعمل على إرجاع الثقة في المؤسسة البرلمانية وزرع الطمأنينة في النفوس والحرص على إحياء ثقافة العمل.
وتعهّد بان مجلس نواب الشعب سيظلّ على أتمّ الاستعداد للقيام بالواجب، ومؤازرة المجهودات الوطنية لاستكمال الإصلاحات واستشراف المستقبل على أساس التعاون المثمر مع الوظيفة التنفيذية ومعاضدتها من خلال ممارسة دوره التشريعي والرقابي في تماه مع طبيعة المرحلة ومع انتظارات الشعب. وأضاف أن المجلس سيواصل إسهامه في رفع التحديات من خلال تقديم المبادرات وطرح الرؤى والتصوّرات والمقترحات المرتبطة بمختلف أوجه الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
واستحضر في هذا السياق المسؤولية التاريخية التي تحمّلها نواب الشعب عبر ما بادروا به لإنقاذ المسار الانتخابي الرئاسي ولتفادي مخاطر وانزلاقات كان يمكن أن تعرقله عبر استهداف مؤسّسات الدولة ومحاولات إرباكها.
وإثر ذلك تولى السيد قيس سعيّد رئيس الجمهورية ادا اليمين ثم توجّه بخطاب الى الشعب التونسي بيّن في مستهلّه أن اكبر التحديات الماثلة أمام الدولة تتمحور حول فتح طريق جديدة امام العاطلين عن العمل وخاصة الشباب وغيرهم من الفئات، مؤكّدا أنّ العاطلين عن العمل هم ضحايا لاختيارات فاشلة استمرت طيلة عقود وهو ما يستوجب ايجاد حلول وطنية لهم تتخلّص من المفاهيم البائدة وتعود بالنفع على المجموعة الوطنية.
واعتبر في ذات السياق أن الشركات الأهلية تندرج ضمن الحلول التي يمكن أن تلبّي حاجيات التشغيل للعاطلين عن العمل، مضيفا أنه يمكن استنباط حلول اخرى ولا مجال للقبول بأنصاف الحلول. “
وشدّد على أن تونس انطلقت في ثورة تشريعية تجسد الآمال في بناء اقتصادي وطني يرتكز على خلق الثروة باختيارات وطنية نابعة من ارادة الشعب التونسي.
كما أكد ضرورة استعادة الدولة لدورها الاجتماعي كاملا على غرار استعادة الشعب التونسي لسيادته، معتبرا أن ذلك لا يتعارض مع المبادرة الحرّة ولا يستهدفها مطلقا. وذكّر بأن “الحقوق الاجتماعية من تعليم عمومي ونقل وصحة عمومية ومسكن وعمل لائق وأجر عادل مجز وتغطية اجتماعية، كلها تحديات يتعيّن على الدولة رفعها لانها من حقوق الانسان الطبيعية”.
وبيّن السيد قيس سعيّد أن التحديات كثيرة، وفي مقدّمتها مقاومة الارهاب ومواجهة الفساد، مؤكّدا ضرورة تخطيها بسرعة.
وبعد تأكيد الحرص على الحفاظ على المنشآت والمؤسسات الوطنية بعد تطهيرها، بيّن رئيس الجمهورية أن الدستور التونسي يضمن التعايش بين القطاعين العام والخاص على أساس العدل الاجتماعي، معتبرا أنّ المبادرة الحرة يجب ان تمارس في ظل وضع قانوني سليم يحفظ حق الجميع.
كما أكّد رئيس الجمهورية أن الحرية مضمونة في المجال الاقتصادي ومحفوظة ومحمية كما هو الشأن بالنسبة الى المجال السياسي. وأضاف ان ابواب الصلح الجزائي يمكن ان تفتح من جديد، معتبرا أن من اعاد اموال الشعب كاملة ،لا حاجة ان يبقى سجينا او فارا من العدالة . وشدّد في ذات السياق على أنه لا مكان لمن لا يعمل على تحقيق امال الشعب ومطالبه المشروعة، ولا مكان لمن يعطّل السير الطبيعي للمرافق العمومية .
وبيّن أن مؤسسات التّرقيم تستند في تقييمها الى مؤشرات “اقتصاد الرّيع الذي لا ينتج الثروة، بل يجعل الأموال تتداول بين الأثرياء الذين يزدادون ثراء ويفاقم فقر الفقراء”، مضيفا في نفس الاطار أنه ” من المفارقات أنّ نسب النّمو، تقوم على معطيات مغلوطة ومغشوشة، حيث كانت نسبة النّمو تتراوح في التسعينات وبعدها بين 3 و6 بالمائة ولو كانت حقيقية لما حصلت ثورة”.
وذكّر رئيس الجمهورية بقراره المتعلق بتجميد أعمال مجلس نواب الشعب يوم 25 جويلية 2021 ، مبيّنا أنه تمّ وضع دستور جديد بعد تنظيم استشارة وطنيّة ، وانتخاب مجلس نيابي جديد، ثم انتخاب المجلس الوطني للجهات والأقاليم، رغم كل الصعوبات ومحاولات الافشال و تأجيج الأوضاع بكل السبل.
وبيّن أن إرساء العديد من المؤسسات بعد حلّ البرلمان لم يكن متأخرّا بل كان متأنيّا حفاظا على استمرارية الدّولة والسّلم الاجتماعي ، مشدّدا على أنه ” قد تأتي لحظة المكاشفة والمصارحة حتى يعلم الجميع بما كان يرتّب له في الدّاخل والخارج على حدّ سواء، في محاولة لإدخال تونس في أتون اقتتال داخلي وتقسيمها إلى مجموعة مقاطعات”. وأشار الى أن “نواب الشعب أسقطوا مخططات كان عملاء الصهيونية العالمية وأعضاء الماسونية قد رسموها وحددوها بهدف تحقيقها”.
كما شدّد رئيس الجمهورية الى حاجة تونس إلى ثورة ثقافية تقوم على تصوّر جديد للحياة داخل المجتمع، يستبطنها المواطن ويثور على مفاهيما البالية ، جازما أنّ ” الشعب التونسي لن يحبط ومصرّ على العبور من الإحباط إلى البناء والتشييد”.
كما أكّد على أنه لا وجود عند التونسيين لمصطلح التطبيع مع الكيان الصهيوني المغتصب المجرم، وأن كل من يتعامل معه يرتكب جريمة الخيانة العظمى للحق الفلسطيني، مؤكّدا أن تونس تقف دون حدود مع كل الشعوب المضطهدة وأولها الشعب الفلسطيني حتى يستعيد حقه كاملا ويقيم دولته المستقلة على كل أرض فلسطين وعاصمتها القدس الشريف. كما تقف دون شروط مع الشعب اللبناني الشقيق.
وبيّن أن التعاون مع الاشقاء والأصدقاء يقوم على اساس مصالحنا المشتركة وبندية كاملة.