أكّد رئيس الحكومة أحمد الحشاني في جلسة عامة بالبرلمان، أن تونس تواجه، كسائر دول المنطقة والعالم، تحديات جسيمة ناجمة عن تتالي الأزمات والصراعات التي نتج عنها ارتفاع في أسعار المحروقات والمواد الأولية على الصعيد الدولي، وأضاف أن للتغيرات المناخية والشح المائي تأثيرا واضحا على الأمن الغذائي والمائي للعالم ولتونس، فضلا عن ان بلادنا مرت بسنوات من سوء الحوكمة والتصرف نتج عنها ارتفاع المديونية والتأخر في إنجاز الإصلاحات بما عطّل الإقلاع الاقتصادي.
وبيّن رئيس الحكومة أن تونس أثبتت رغم هذا الوضع قدرتها على الصمود بفضل تظافر جهود مؤسسات الدولة والشركاء الاجتماعيين والفاعلين الاقتصاديين بالإضافة إلى الاستقرار السياسي الذي توفّر منذ جويلية 2021. وشدّد على ان صواب الخيارات الوطنية والعزم على مواصلة مسار الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي، بالتنسيق مع رئيس الجمهورية وفي إطار دولة موحدة، كفيل بتحقيق تطلعات الشعب التونسي واسترجاع الثقة في الدولة وزرع ثقافة العمل والتفاؤل وضمان مستقبل واعد للأجيال القادمة.
ولبلوغ هذا الهدف، اشار رئيس الحكومة انه تم إعتماد رؤية لتونس 2035 تقوم على منوال تنموي جديد يرتكز على التجديد والإدماج والاستدامة من خلال المحاور الستة التالية:
تنمية جهوية عادلة وتهيئة ترابية دامجة،
عدالة اجتماعية أساس التماسك الاجتماعي
رأس المال البشري قوام التنمية المستدامة،
اقتصاد المعرفة محرك الابتكار والتجديد،
اقتصاد تنافسي ومتنوع داعم للمبادرة الخاصة،
اقتصاد أخضر متأقلم مع التغيرات المناخية.
من جهة أخرى اكد رئيس الحكومة حرصه منذ البداية على إيلاء الاعتبارات الاجتماعية والاقتصادية أهمية قصوى وذلك من خلال :
اتخاذ جملة من الإجراءات في القطاع التربوي لضمان عودة مدرسية في أحسن الظروف،
التقدم في إنجاز مشاريع إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقات المتجددة وبالخصوص مشاريع الطاقة الشمسية،
المصادقة على مشروع بطاقة التعريف البيومترية ومشروع جواز السفر البيومتري،
تفعيل اللجنة العليا لتسريع إنجاز المشاريع العمومية والتي قامت بحل الإشكاليات لمجموعة من المشاريع المعطلة في مجالات النقل والصحة والبنية التحتية،
استكمال التشاور حول مشاريع النصوص المنظمة للإدماج المالي ومجلة الصرف، وحول مراجعة القانون المنظم للمساهمات والمنشآت العمومية،
استكمال التشاور حول مراجعة الفصل 96 من المجلة الجزائية والفصل 411 من المجلة التجارية فيما يتعلق بإصدار شيك بدون رصيد،
إجراء تدقيق شامل لعمليات الانتداب والإدماج بالوظيفة العمومية والهيئات والمؤسسات والمنشآت العمومية، وتكريس الإدارة الجيدة وإرساء مبادئ الحوكمة الرشيدة في جميع هياكل الدولة،
التقدم في إيجاد حلول بخصوص الإشكاليات الحاصلة في عدد من البنوك العمومية والبنوك ذات المساهمات العمومية،
التقدم في إيجاد حلول فيما يتعلق بمنظومات المنتوجات الغذائية.
وبيّن رئيس الحكومة ان مشروع قانون المالية لسنة 2024 يندرج في إطار مواصلة البرنامج الوطني للإصلاحات الرامي إلى الاستعادة التدريجية لتوازنات المالية العمومية بإرساء نظام يكرس العدالة الجبائية ويدعم التصدي للتهرب الجبائي وإلى مزيد ترشيد الامتيازات الجبائية، بالإضافة إلى الإجراءات الهادفة إلى تنشيط الدورة الاقتصادية واستعادة ثقة المستثمرين ومواصلة تكريس الدور الاجتماعي للدولة ومزيد الإحاطة بالفئات الاجتماعية محدودة الدخل والمحافظة على السلم الاجتماعي.
وأضاف ان بلادنا تمكنت هذه السنة من تحقيق مؤشرات إيجابية على المستوى المالي والاقتصادي حيث تمكنت من:
الترفيع في احتياطي بلادنا من العملة الصعبة بفضل الموسم السياحي الناجح وبفضل التحويلات البنكية للتونسيين بالخارج بما سمح بتغطية رصيدنا من العملة الصعبة بما يعادل 110 يوم توريد حاليا، علما وأنه كان يعادل 99 يوم في نفس الفترة من السنة الماضية،
مواصلة سداد ديون تونس الخارجية وهذا ما يجعل منا أوفياء لسمعتنا التاريخية في خلاص ديوننا الخارجية علما وأن هذه الديون قد ثقلتها حكومات سابقة على كاهل الدولة.
تراجع تدريجي في نسبة التضخم التي بلغت أقصاها في شهر فيفري 2023 بنسبة 10,4 % لتبلغ 8,6% في أكتوبر.
تحقيق تحسن في الميزان التجاري وذلك من خلال ارتفاع الصادرات بنسبة 7،5 % مقابل تراجع الواردات بنسبة 3،7%.
واكد السيد احمد الحشاني عزم الحكومة على مزيد تحسين هذه المؤشرات من خلال الانطلاق في إصلاح القطاع البنكي خدمة للاستثمار خصوصا لفائدة المؤسسات الصغرى والمتوسطة، مضيفا أن الحكومة تشارف على استكمال إرساء أسس الإدماج المالي المتمثل في تحسين نفاذ محدودي الدخل للخدمات المالية، وتقريبها من متساكني المناطق الداخلية والمعزولة، ليكون الإدماج المالي وسيلة مثلى لتحقيق الإدماج الاجتماعي.
وأكّد من ناحية أخرى أن تونس دولة موحّدة وكل هياكلها ومؤسساتها جزء لا يتجزأ منها ولا يمكن لها أن تعمل خارج التوجهات العامة لها، معتبرا أن هذا ينطبق على البنك المركزي باعتباره هيكلا من هياكل الدولة، إلا أنه يتميز ككل البنوك المركزية في العالم بتحديد السياسة النقدية للدولة لكنه مطالب بجعلها متوافقة مع السياسة الاقتصادية للدولة.
وشدّد رئيس الحكومة على أن نجاح العمل الحكومي يبقى مشروطا بتواصل التعاون حكومة وبرلمانا للوصول بتونس إلى بر الأمان، مؤكّدا أن القول الفصل في نظام ديمقراطي يعود للشعب الذي قطع مع ما شهدته تونس في السنوات السابقة من تشويه للديمقراطية.
وبيّن في ختام كلمته أن تونس دولة منفتحة على جميع شركائها ، مؤكّدا في المقابل أنها لا تقبل خيارات تتعارض مع أولوياتها الاقتصادية والاجتماعية، وانها قادرة على تحديد حاجياتها وعازمة على تنفيذ الإصلاحات الضرورية والمستدامة لاسترجاع توازناتها المالية دون المساس بالطبقات الوسطى وضعيفة الدخل حفاظا على السلم الاجتماعي.
واثر تقديم بيان الحكومة تمت تلاوة تقرير لجنة المالية والميزانية حول مشروع ميزانية الدولة ومشروع الميزان الاقتصادي لسنة 2024 ، ثم تمّ فسح المجال للنقاش العام حيث تمحورت تدخلات النواب حول المواضيع التالية:
ضعف نسبة النمو المقدّرة لسنة 2024
ضرورة اعتماد الذكاء الاقتصادي
ضرورة عودة نشاط الفسفاط
ترشيد استهلاك المحروقات
وضع سياسة مائية لمواجهة الشحّ المائي
وضع تشريعات للنهوض بالاقتصاد
الانسجام والتكامل بين الوظيفة التنفيذية والتشريعية