أفرجت أمس الأربعاء دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بتونس عن رئيس هيئة الحقيقة والكرامة سابقا سهام بن سديرين، فاشتعل الفايسبوك بين مهلل يعدّد مناقبها، وبين غاضب يذكر مساوئها.
فأين مكمن الموضوع؟
تم إيقاف السيدة سهام بن سدرين بموجب بطاقة إيداع بالسجن صادرة عن قاضي التحقيق بالقطب القضائي والمالي يوم 1 أوت 2024 على خلفية ما يعرف بقضية التقرير والبنك الفرنسي التونسي، واليوم رأت دائرة الاتهام الإفراج عنها.
عندما تتم معالجة ملف، فإن القاضي لا يقضي بعلمه، بل يخضع لأدوات قانونية صارمة، تجعله يقضي وفق ما توصلت إليه الأبحاث والأعمال الاستقرائية في الملف، وليس في الفايسبوك أو تيك توك.
تذكرون جيدا تلك المرأة التي عرضت على الرئيس قيس سعيد عندما كان يقوم بجولة في باب سويقة، مشكل ابنها الموقوف من أجل السرقة الموصوفة باستعمال العنف ( براكاج)، تذكرون جيدا كيف كان ردّ الرئيس حاسما، إذ قال حرفيا: لا تطلبوا مني التدخل في القضاء بكل وضوح.
إذن يا سادة، إن الإفراج عن سهام بن سدرين أو الإبقاء عليها موقوفة، ليس حدثا سياسيا ولا هو أيضا قرار سياسي، بل هو تقدير قضائي يخضع لرؤية القاضي دون سواه ووفقا لما توفر أمامه في الملف من قرائن ومؤيدات.
أما مشاعركم بالفرح أو بالغضب فهذا لا علاقة له اطلاقا بقرار الإفراج.
نعم هناك هنات و صعوبات ولكن العدالة قد نبلغها إذا ما توفرت للقضاة ظروف ممارسة وظيفتهم بكل استقلالية وهو الأمر الذي يدعمه الرئيس، الذي يردد دائما : قضاء ناجز خير من ألف دستور.
فعلا عندما يكون القضاء ناجزا وعادلا تكون الحياة الاجتماعية بتفاصيلها مستقرة.
من أعجبه الإفراج عن سهام بن سدرين له ذلك ومن لم يعجبه له ذلك، ولكن لا تنتظروا تأثيرا يذكر على مسار القضية.
تونس أخذت طريقها فلا يمكن لأحد مهما علا شأنه أن يجعل من هذا البلد خاضعا مهما كانت قوته.
لنواصل تجربتنا من أجل مجتمع ديمقراطي في جمهورية ديمقراطية.