أشرف رئيس الحكومة، السّيد كمال المدّوري، يوم امس الأربعاء بقصر الحكومة بالقصبة على مجلس وزاري مضيّق حول دعم التّماسك الأسري، وفق بلاغ صادر عن رئاسة الحكومة اليوم.
وأكّد رئيس الحكومة في مستهلّ الجلسة على أهميّة دور ووظيفة الأسرة في بناء المجتمع، باعتبارها أهمّ مؤسّسة توكّل إليها مهمّة التّنشئة الاجتماعيّة ولكونها تعدّ أوّل وأهمّ النّظم الاجتماعيّة التي أنشأها الإنسان لتنظيم حياته في المجموعة، والرّكيزة الأساسيّة لبناء مجتمع متضامن ومتوازن ومسؤول مذكّرا بأحكام الفصل 12 من الدستور التي تنصّ أنّ ‘الأسرة هي الخليّة الأساسّية للمجتمع وعلى الدّولة حمايتها”.
تحديث المنظومة التشريعية
وأكّد رئيس الحكومة على ضرورة تحديث المنظومة القانونيّة الخاصّة بالأسرة تماهيا مع رؤية سيادة رئيس الجمهوريّة، الأستاذ قيس سعيّد، المتّصلة بتحقيق الاستقرار الاجتماعي والتطوّر الاقتصادي وتعزيز الدّور الاجتماعي للدّولة، من خلال وضع سياسة حماية اجتماعيّة مندمجة في سبيل تحقيق الشروط اللاّزمة لضمان العيش الكريم للمواطنات والمواطنين ومحاربة كل مظاهر الإقصاء الاجتماعي وبما يواكب متطلّبات العصر، واستنباط حلول تضمن تماسك الأسرة وتوازنها بما يساهم في بناء مجتمع متوازن يكون بدوره ركيزة لتحقيق الرّخاء والتّنمية العادلة والمدمجة.
وأشار الى أنّ الثّورة التّشريعية المنشودة تتطلّب مراكمة المنجزات وتطوير واستنباط حلول مجدّدة ومبتكرة تستوعب هذه المتغيّرات والتحوّلات العميقة التي تشهدها الأسرة وتوفّر المعالجة المناسبة لها مشدّدا في هذا الإطار على ضرورة مراجعة القانون المتعلّق بإحداث صندوق ضمان النّفقة وجراية الطّلاق المؤرّخ في 5 جويلية 1993 لتحسين وتنويع تدخّلاته وخدماته الموجّهة للمطلّقة وأبنائها التي تعذر تنفيذ الأحكام القضائيّة الباتّة لفائدتها نتيجة تلدّد المدين وعُسره وتوفير رعاية اجتماعيّة وصحيّة ومرافقة مهنيّة لهم ضمن مقاربة تقوم على تحقيق الاندماج الاقتصادي.
نقائص
من جانبها، قدّمت وزيرة الأسرة والمرأة والطّفولة وكبار السّن خلال الجلسة عرضا مفصّلا تضمن الإطار التّشريعي والتّرتيبي لنظام النّفقة وجراية الطّلاق الحالي، والنّقائص التي تشوبه والتي تحدّ من نجاعة تدخلاته، مبرزة في السّياق عددا من التّجارب المقارنة في المجال والتي تمّ الاستئناس بها لإعداد تصوّر جديد لنظام النّفقة وجراية الطّلاق يهدف لتطوير هذا النّظام وجعله أكثر فاعليّة وإنصافا باعتبار أن النفقة وجراية الطلاق تكتسيان صبغة معاشيّة أساسيّة وأداة لتحقيق العدالة الاجتماعيّة وتسهم بشكل كبير في الحفاظ على الكرامة الإنسانية وضمان مقوّمات العيش الكريم وضمانة لحقوق الأبناء والأمهات ولاستقرار الأسرة وحمايتها من التّبعات السلبية لعدم تنفيذ الأحكام المتعلقة بالنفقة وجراية الطّلاق.
وخصّص الجزء الثاني من المجلس لاستعراض مقترح إحداث نظام خاص بالتوفيق الأُسري يهدف إلى المساهمة في حل النزاعات الأسرية وتقريب وجهات النظر بين أطراف الخلاف خلال فترة التقاضي وما بعدها لتقليل التداعيات السلبيّة للخلافات الأسريّة انطلاقا من تقييم محدوديّة نتائج القانون عدد 50 لسنة 2010 المؤرّخ في 1 نوفمبر 2010 المتعلّق بإقرار مؤسّسة المصالح العائلي في نزاعات الحالة الشخصيّة واستئناسا بالممارسات الفضلى والقوانين المقارنة وتنزيل الحلول وتأصيلها وفقا لخصوصيات الأسرة التونسيّة.
نظام جديد
وإثر مناقشة مختلف المقترحات والتداول فيها أوصى المجلس بما يلي:
– إحداث نظام جديد للنفقة وجراية الطلاق يتضمن ضبط شروط الاستحقاق وإجراءات تدخّل صندوق ضمان النفقة وجراية الطلاق، ويهدف النظام الجديد إلى تمكين المرأة المطلقة وأبنائها من الانتفاع بنظام التغطية الاجتماعية والادماج الاقتصادي لهذه الفئة، فضلا عن حوكمة الصندوق وتبسيط إجراءاته وإيجاد مصادر جديدة لتمويله.
– إحداث نظام خاص بالتوفيق الأسري كآلية لحل الخلافات التي تنشب بين أفراد الأسرة وتقريب وجهات النّظر بين طرفي النزاع خلال فترة التّقاضي وبعدها من خلال بعث خطة “الموفّق الأسري” تعهد له مهمة التوفيق والوساطة الأسرية إلى جانب مرافقة الأسر للحدّ من الخلافات ونشر ثقافة التماسك الأسري والمساهمة في الوقاية من السّلوكيّات التي تهدد الأسرة.