في تفاعل سريع مع التقرير الصحفي الصادر مؤخرًا بجريدة “الحرية” تحت عنوان: “شغورات إدارية تهدد نجاعة التسيير داخل الشركة التونسية للبنك: غياب الرؤية الاستباقية يُثير المخاوف”, سجّلت المؤسسة خلال الأيام القليلة الماضية تحركات ملموسة تمثّلت في تعيين 3 رؤساء أقطاب و 13 مديرًا مركزيًا و نقل مديرة مركزية بمثل خططتها الى ادارة اخرى في خطوة اعتبرها المتابعون بداية لتجاوز حالة الجمود الإداري التي امتدت لأشهر.
هذه التعيينات، التي تمت على خلفية ضغط داخلي ومتابعة رقابية وإعلامية واسعة، تمثل دون شك انفراجًا نسبيًا، غير أنها لا تُنهي الإشكال من جذوره، خاصة مع استمرار غياب خطة استباقية شاملة لتعويض الإطارات المنتظر إحالتهم على التقاعد، وتثبيت سياسة واضحة للمسارات المهنية والتكليفات الوظيفية.
تدارك لا يلغي المخاطر
بالرغم من هذا التحرك الجزئي، ما تزال تساؤلات مطروحة حول مدى نجاعة التعيينات، ومدى التزامها بمبدأ الكفاءة والنزاهة، في ظل ما أشار إليه التقرير السابق من وجود تحفظات رقابية على بعض الأسماء المقترحة، وغياب مسار تنافسي شفاف لاختيار أفضل الكفاءات.
كما يُسجّل عدد من المتابعين غياب أي إعلان رسمي عن خطة شاملة لضمان استمرارية المؤسسة وتدعيم حوكمتها، بما في ذلك:
– تنظيم دوري للتقييم الوظيفي.
– تحيين الهيكل التنظيمي للمؤسسة.
– تعزيز التنسيق مع هياكل الرقابة والتفقد.
وإرساء آلية مؤسساتية لتدارك الشغورات قبل حصولها.
دعوات لتجذير الحوكمة
في هذا السياق، جدّد خبراء الحوكمة والمختصون في الشأن البنكي دعوتهم إلى اعتماد مقاربة إصلاحية شاملة، لا تكتفي بردود الأفعال المتأخرة، بل ترتكز على استشراف الاحتياجات وتثبيت ممارسات الحوكمة الرشيدة داخل المؤسسة، مع ضمان مبدأي الشفافية والمساءلة في كل ما يتعلق بالتعيينات والتصرف في الموارد البشرية.
الخطوة التالية: تثبيت الاستقرار أم العودة إلى الدائرة المغلقة؟
تبقى الأنظار موجهة نحو مجلس الإدارة والإدارة العامة للشركة التونسية للبنك، في انتظار استكمال باقي التعيينات، وتوضيح خارطة الطريق المستقبلية الكفيلة بضمان استقرار إداري ووظيفي دائم، لا يرتبط فقط بالضغوط، بل يُبنى على رؤية مؤسساتية واضحة ومتناسقة.
هل تكون التعيينات الأخيرة مقدّمة لإصلاح هيكلي حقيقي؟ أم مجرّد محاولة لاحتواء الأزمة مؤقتًا؟
زر الذهاب إلى الأعلى