أصدرت محكمة جنايات كرري بولاية الخرطوم، حكماً بالإعدام شنقاً حتى الموت “تعزيراً”، في مواجهة المتهم “ح، ج”، بعد إدانته بالتعاون مع قوات الدعم السريع ، جاء ذلك ضمن عمليات إعدامات مستمرة منذ اندلاع الحرب في السودان، منتصف إبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
وتنشر وكالة أنباء السودان من حين لآخر، منذ ذلك الوقت، أنباء تفيد بإعدام مدنيين، اتهمتهم محكمة الجنايات، بالتعاون مع قوات الدعم السريع.
بلغ عن متعاون
ومع استمرار الحرب، أطلق الجيش السوداني ما سماه حملة “بلغ عن متعاون”، لترويج التخوين وبث الكراهية، وتشجيع الإبلاغ غير المبني على أدلة قانونية ضد المدنيين، فقط بناءً على الشبهات أو الانتماءات الجغرافية أو السياسية أو حتى النشاط المدني، بحسب جموعة محامو الطوارئ.
وأعربت المجموعة في بيان نشرته 27 مايو عن قلقها العميق إزاء تصاعد خطاب التحريض ضد المدنيين، وذلك على خلفية الحملة المعروفة باسم “بلّغ عن متعاون” التي أطلقها إعلام الجيش السوداني في سياق النزاع مع قوات الدعم السريع.
وقالت إن الحملة تُستخدم كأداة “لترويج التخوين وبث الكراهية، وتشجيع الإبلاغ غير المبني على أدلة قانونية ضد المدنيين، فقط بناءً على الشبهات أو الانتماءات الجغرافية أو السياسية أو حتى النشاط المدني، وهو ما اعتبرته يمثل تهديدًا مباشرًا لأمن الأفراد وتقويضًا لمبدأ سيادة القانون”، مشيرة إلى أنها وثقت “انتهاكات خطيرة” ارتُكبت نتيجة هذه الحملات، من “بينها التصفية الميدانية، والإخفاء القسري، والاعتقالات التعسفية، خاصة في ولاية الخرطوم.”
ولفتت إلى أن “بعض المعتقلين قد وُجهت إليهم تهم تصل عقوبتها إلى السجن المؤبد أو الإعدام، في محاكمات افتقرت إلى الحد الأدنى من معايير العدالة، بينما لا يزال آخرون رهن الحبس الاحتياطي، أو يقضون عقوبات بالسجن أو دفع الغرامات استنادًا إلى اتهامات وُصفت بأنها باطلة أو غير مستندة إلى أسس قانونية.”
وطالبت بالإفراج الفوري عن جميع المعتقلين تعسفيًا، ووقف المحاكمات التي وصفتها بـ”الجائرة”، مؤكدة أن حماية المدنيين مسؤولية لا تسقط بالحرب، ولا يمكن تبرير انتهاكها بأي مواقف سياسية أو أمنية، مشددة على أن سيادة القانون والعدالة يمثلان الركيزة الأساسية لأي تسوية مستدامة أو استقرار حقيقي في البلاد.
محاولة للتغطية على جرائم
ويرى مراقبون، أن الحملة التي أطلقها الجيش السوداني، تعتبر محاولة “يائسة”، للتغطية على سجله الإجرامي، خلال حربه المستمرة مع قوات الدعم السريع، ووثقت وكالات أممية ومنظمات حقوقية دولية العشرات من جرائم الحرب المرتبطة بالقوات المسلحة السودانية، والتي شملت القتل الجماعي للمدنيين، والهجمات العشوائية على المناطق السكنية المكتظة، وغيرها، مطالبة المجتمع الدولي بالتدخل العاجل، وفتح تحقيق لمحاسبة جميع الضالعين.
ومن بين ذلك، استهداف سوق مزدحم في منطقة دارفور غربي البلاد عبر غارة جوية خلال شهر مارس المنصرم ما أسفر عن مقتل وإصابة المئات، وفقًا لمجموعات رصد محلية وصفت الهجوم بأنه جريمة حرب.
وأظهرت آنذاك، مقاطع فيديو وصور من أعقاب الغارة في طورة، وهي بلدة صغيرة في شمال دارفور، عشرات الجثث المتفحمة وبقايا بشرية متناثرة على مساحة شاسعة مشتعلة في سوق البلدة، وفقا لتقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، وأشارت إلى أن “الجريمة تضاف إلى فظائع أخرى تم الإبلاغ عنها في دارفور.”
ومع صعوبة تقدير حجم الخسائر البشرية جراء الهجوم المروّع الذي شنه الجيش السوداني ، أفادت إحدى جماعات الرصد السودانية بمقتل العشرات فيما قدّرت منظمة “آفاز” الأمريكية الدولية للدفاع عن حقوق الإنسان، نقلًا عن جماعات محلية، عدد القتلى بأكثر من 200.، بحسب الصحيفة.
وتم تحديد موقع الفيديوهات جغرافيًّا في تورا بواسطة مشروع شهود السودان التابع لمركز مرونة المعلومات، وهو منظمة غير ربحية تُوثّق جرائم الحرب المحتملة. وأكدت صور الأقمار الصناعية وبيانات أقمار ناسا الصناعية التي ترصد الحرائق أن مساحة تبلغ نحو 10,000 متر مربع محترقة.
وقال شهود عيان إن الهجوم جاء من الجو، ولا تملك قوات الدعم السريع طائرات حربية، لكن الجيش السوداني يمتلكها، وقد نفذ غارات جوية أخرى في المنطقة مؤخرًا.
وأشارت إلى تحليل الصحيفة للقطات، التي تُظهر عدة جيوب من الأرض المحروقة في أنحاء السوق، إلى وقوع انفجارات متعددة. وفي مقطع فيديو صُوّر في موقع الحادث، قال شاهد عيان إن أربعة صواريخ أصابت السوق، استهدف أحدها مركزه وثلاثة صواريخ أخرى أطرافه.
وقالت إن “الجيش السوداني اتهم كثيرًا بقصف عشوائي في المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع؛ ما أدى في كثير من الأحيان إلى مقتل العشرات دفعة واحدة. وقد وقع معظم هذه الهجمات في دارفور أيضًا.”
عقوبات
ومع استمرار الجيش السوداني في الانتهاكات فرضت الولايات المتحدة الأمريكية، عقوبات على قائد الجيش، ورئيس مجلس السيادة الجنرال عبد الفتاح البرهان، الذي يسيطر على الحكم منذ الانقلب الذي قاده في أكتوبر 2021 وأطاح بالحكومة المدنية بقيادة عبدالله حمدوك .
وقالت وزارة الخزانة الأميركية، “إن الجيش السوداني بقيادة البرهان ارتكب هجمات مميتة بحق المدنيين وشن غارات جوية على المدارس والأسواق والمستشفيات، كما أنه يتحمل المسؤولية عن المنع المتعمد لوصول المساعدات الإنسانية للمحتاجين واستخدام الغذاء بوصفه سلاحاً في الحرب.”
وتزامن ذلك، مع اتهامات للجيش السوداني باستخدام أسلحة كيماوية مرتين على الأقل ضد «قوات الدعم السريع»، ما يعد جريمة مكتملة الأركان.
وأكدت نيويورك تايمز، أن الجيش السوداني استخدم الأسلحة الكيميائية، في مناطق نائية من السودان، ضد عناصر من «قوات الدعم السريع»، كما يخشى الأميركيون من استخدامها في مناطق تكتظ بالسكان في العاصمة الخرطوم.
وأشارت إلى أن المعرفة ببرنامج الأسلحة الكيميائية السوداني مقتصرة على مجموعة صغيرة داخل الجيش، وأن البرهان هو الذي سمح باستخدام تلك الأسلحة ضد «قوات الدعم السريع».
السودان تدفع الثمن
ويوم 23 مايو 2025، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية، أن الولايات المتحدة ستفرض عقوبات على السودان بعد ثبوت استخدامه أسلحة كيماوية عام 2024.
وقالت المتحدثة باسم الوزارة تامي بروس في بيان أن العقوبات ستتضمن قيودا على الصادرات الأميركية وخطوط الائتمان الحكومية الأميركية، ودخلت حيز التنفيذ في 6 يونيو تقريبا بعد إخطار الكونغرس.
وأضافت بروس: “الولايات المتحدة تدعو حكومة السودان إلى وقف استخدام الأسلحة الكيماوية والوفاء بالتزاماتها بموجب معاهدة الأسلحة الكيميائية” التي تحظر استخدام مثل هذه الأسلحة.
وأشارت إلى أن الولايات المتحدة قررت رسميا في 24 أبريل بموجب قانون “مراقبة الأسلحة الكيماوية والبيولوجية والقضاء على الحرب” لعام 1991 أن حكومة السودان استخدمت أسلحة كيماوية العام الماضي.
زر الذهاب إلى الأعلى