يسعدني أن أقدم أطيب التهاني و التمنيات لجميع الهنود وأصدقاء الهند بمناسبة الاحتفال بالذكرى التاسعة والسبعين (79) لاستقلالنا.
بينما نحتفل بهذا اليوم، نتأمل في مسيرة الهند الرائعة – من دولة حديثة الاستقلال في عام 1947 إلى واحدة من الاقتصادات الرائدة في العالم وصوت مؤثر على الساحة العالمية. اهتداءً برؤية فيكسيت بهارات (الهند المتقدمة) بحلول عام 2047، تقف الهند اليوم في طليعة التنمية والدبلوماسية والابتكار الرقمي.
ظهور الهند على الساحة العالمية: إن التحول الذي تشهده الهند مدفوع بالنمو الشامل، والإصلاحات الاقتصادية القوية، والأجندة المراعية للمناخ، والبنية التحتية الرقمية العامة الرائدة على مستوى العالم. الهند، التي أصبحت الآن رابع أكبر اقتصاد في العالم، برزت كمدافع رئيسي عن الجنوب العالمي. انطلاقاً من المبدأ القديم ”Vasudhaiva Kutumbakam“ – العالم أسرة واحدة – تدافع الهند عن المساواة العالمية من خلال مبادرات مثل Vaccine Maitri والتحالف الدولي للطاقة الشمسية والتحالف العالمي للوقود الحيوي. تعزز سياسة الهند الخارجية، التي ترتكز على الاستقلالية الاستراتيجية والدفع نحو إصلاح التعددية، التزامها بنظام دولي قائم على القواعد ومتمحور حول الإنسان. من خلال اليوغا، قدمت الهند هدية شاملة للعالم. أصبحت اليوغا رمزًا عالميًا للسلام والتوازن والرفاهية، مما يعكس التزام الهند بعالم أكثر صحة ورحمة.
محطة مفصلية: رئاسة الهند لمجموعة العشرين: في وقت يتسم بالتوترات الجيوسياسية وعدم الاستقرار الاقتصادي والتحديات المناخية، أثبتت رئاسة الهند لمجموعة العشرين في عام 2023 أنها محطة مفصلية. باعتبارها أول دولة في جنوب آسيا تستضيف قمة مجموعة العشرين، أعطت الهند صوتًا قويًا للدول النامية، ووضعت اهتماماتها وتطلعاتها في صميم عملية صنع القرار العالمية. وفي كلمته في قمة مجموعة العشرين، عبر رئيس الوزراء ناريندرا مودي عن روح الشمولية هذه بشكل ملائم:
”الهند هي أرض التنوع في المعتقدات والروحانيات والتقاليد. فقد ولدت هنا العديد من الأديان الرئيسية في العالم، وتجد كل ديانة احترامًا هنا. باعتبارنا “أم الديمقراطية”، فإن إيماننا بالحوار والمبادئ الديمقراطية لم يتزعزع منذ زمن سحيق. إن سلوكنا العالمي متجذر في المبدأ الأساسي “Vasudhaiva Kutumbakam” – العالم أسرة واحدة.“
انطلاقاً من هذه الفلسفة الخالدة، أصبحت رئاسة الهند دعوة للعمل من أجل إقامة نظام عالمي أكثر إنصافاً وشمولاً.
صوت ورؤية للجنوب العالمي: خلال رئاستها لمجموعة العشرين، وضعت الهند الجنوب العالمي في صميم أجندتها، مسلطة الضوء على التحديات المشتركة مثل تغير المناخ، ومشكلة الديون، وانعدام الأمن الغذائي، وهشاشة الطاقة. واستضافت الهند قمة صوت الجنوب العالمي في جانفي 2023 بمشاركة أكثر من 125 دولة، وخلقت منصة للدول النامية للتأثير على الأولويات العالمية. تُرجم هذا الالتزام إلى نتائج ملموسة، بما في ذلك الترويج لأدوات رقمية مفتوحة المصدر مثل Aadhaar و UPI من أجل الشمول المالي، والدعوة إلى تحولات طاقية عادلة وتمويل المناخ، ودعم سلاسل التوريد المرنة والزراعة المستدامة، والدعوة إلى إصلاح المؤسسات العالمية لضمان تمثيل أكثر إنصافًا. كان أحد الإنجازات الرئيسية هو ضم الاتحاد الأفريقي كعضو دائم في مجموعة العشرين، مما يمثل خطوة كبيرة نحو حوكمة عالمية شاملة ومنصفة.
وبناءً على هذا التوجه، أكدت الهند مجددًا التزامها الدائم بالتعاون بين بلدان الجنوب – القائم على الاحترام المتبادل، وتبادل المعرفة، والنمو الجماعي. وقد ساهمت شراكاتها الطويلة الأمد في أفريقيا وجنوب شرق آسيا وأمريكا اللاتينية والمحيط الهادئ في تعزيز التعاون في مجالات التعليم والرعاية الصحية والزراعة والتكنولوجيا.
مع تطور هذا التعاون، تعمل الهند الآن على توسيع نطاق نماذج الحوكمة الرقمية الناجحة مثل Digital India و Aadhaar و UPI والخدمات العامة القائمة على الذكاء الاصطناعي لتشمل الدول الشريكة. هذه الحلول المحلية، التي تم تطويرها من أجل قابلية التوسع والشمولية، تعمل على تمكين السكان خارج حدود الهند وتساعد في تشكيل مستقبل رقمي أكثر إنصافًا للجنوب العالمي.
توسيع الرؤية الاستراتيجية للهند: تمتد طموحات الهند الاستراتيجية الآن من البحار إلى الفضاء. وقد تطور نهجها البحري من SAGAR (2015) إلى MAHASAGAR (2025)، مما يعكس تحولًا من المشاركة الإقليمية إلى المشاركة العالمية، مع التركيز على الأمن والاستدامة والتعاون من خلال مبادرات مثل سياسة Act East ومبادرة المحيطين الهندي والهادئ. في الفضاء، تبرز الهند بسرعة كلاعب رئيسي، مدفوعة بأكثر من 250 شركة ناشئة وبعثات تاريخية مثل Chandrayaan-3، والقمر الصناعي الهندي الأمريكي NISAR، وعودة رائد الفضاء الكابتن شوبانشو شوكلا من محطة الفضاء الدولية في يوليو 2025. مع خطط لإنشاء محطة فضائية بحلول عام 2035 وبعثة إلى القمر بحلول عام 2040، ترسم الهند مسارًا جريئًا نحو اقتصاد فضائي بقيمة 40 مليار دولار.
حزم في مواجهة الإرهاب، وقوة في التنمية: ترتكز سياسة الهند في مكافحة الإرهاب بقوة على مبدأ عدم التسامح مطلقاً مع الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره. وتؤكد باستمرار على الحاجة إلى تعاون دولي قوي لتفكيك الشبكات الإرهابية ومحاسبة من يدعمونها.
وفي الوقت نفسه، كان دعم الهند المبدئي للقضية الفلسطينية سمة ثابتة في سياستها الخارجية. فقد كانت أول دولة غير عربية تعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية في عام 1974 ومن أوائل الدول التي اعترفت بدولة فلسطين في عام 1988. وتدعو الهند إلى حل الدولتين عن طريق التفاوض، بما يضمن قيام دولة فلسطينية ذات سيادة وقابلة للحياة تتعايش بسلام مع إسرائيل داخل حدود آمنة ومعترف بها.
تشمل شراكة الهند مع فلسطين في مجال التنمية مجالات الصحة والتعليم وتمكين المرأة وريادة الأعمال وتكنولوجيا المعلومات. وقد ساهمت الهند بمبلغ 46.5 مليون دولار أمريكي لوكالة الأونروا منذ عام 2002، وقدمت ما يقرب من 141 مليون دولار أمريكي في شكل مساعدات قائمة على المشاريع، إلى جانب 39 مليون دولار أمريكي في شكل دعم مالي للسلطة الفلسطينية. تظل الهند ملتزمة بدعم الشعب الفلسطيني من خلال التعاون الإنمائي والمساعدات الإنسانية.
تعميق العلاقات مع تونس: أصدقائي الأعزاء، تتمتع الهند وتونس بعلاقة طويلة الأمد ترتكز على قيم مشتركة وتجارب تاريخية متوازية. في أعقاب حركات الاستقلال في كل من البلدين، أسس قادة ذوو رؤية ثاقبة مثل الرئيس الحبيب بورقيبة ورئيس الوزراء جواهرلال نهرو، وهما من أقوى دعاة العلمانية وعدم الانحياز، الأساس لبناء شراكة قوية ودائمة. منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية في عام 1958، تعاون البلدان بشكل وثيق في القضايا العالمية، وقدما الدعم المتبادل في المحافل المتعددة الأطراف، وعززا التعاون في مجالات مثل الديمقراطية والتنمية والتعليم.
دأبت الهند على دعم تنمية تونس من خلال مبادرات مثل برنامج التعاون التقني والاقتصادي الهندي، الذي يوفر 100 فرصة تدريب سنوية ودورات متخصصة للدبلوماسيين والمسؤولين. وتعكس المشاريع ذات الأثر السريع – مثل تنسيق الحدائق العامة وملاعب المدارس وملاعب كرة القدم الصغيرة – التزام الهند بالتنمية على مستوى القاعدة الشعبية. وفي إطار قمة منتدى الهند وأفريقيا، توسّع التعاون ليشمل البحث العلمي والمختبرات الزراعية وخطط إنشاء مركز امتياز لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في تونس. وعلى الصعيد الاقتصادي، لا يزال تجارة الفوسفات ركيزة أساسية، مدعومة بمشروع TIFERT المشترك. تساهم شركات هندية مثل Larsen & Toubro و Kalpataru Power و Mahindra و TATA Motors بشكل فعال في نمو البنية التحتية والصناعة في تونس، مع مشاريع كبرى مثل محطة زارات لتحلية المياه التي تسلط الضوء على تعميق الشراكة.
انضمام تونس إلى التحالف الدولي للطاقة الشمسية (ISA) في عام 2021 وجهودها المستمرة لتوسيع قدرات الطاقة المتجددة تؤكد التزامها بالاستدامة البيئية. كما أن مشاركة البلاد النشطة في قمة صوت الجنوب العالمي تشير إلى انسجام تونس مع الجهود العالمية الرامية إلى إقامة نظام دولي أكثر إنصافًا وشمولًا. تقدر الهند بشدة شراكتها مع تونس وتظل ملتزمة بتوسيع التعاون في القطاعات ذات الأولوية مثل الزراعة والتكنولوجيا الرقمية وبناء القدرات ومبادرات التنمية الثلاثية في أفريقيا. وفي الوقت الذي يستعد فيه الجانبان للجولة المقبلة من مشاورات وزارة الخارجية واجتماع اللجنة المشتركة، ستضفي هذه المشاركات الثنائية زخماً جديداً على علاقاتنا الثنائية.
التطلع إلى المستقبل: تظل الهند ثابتة في التزامها بالرؤية التي يقودها الجنوب العالمي، وتعمل بنشاط على تعزيز النمو الشامل والتنمية العادلة على الساحة العالمية، وبهذه الروح، تواصل الهند تعزيز شراكة حيوية ومستقبلية مع تونس، ترتكز على القيم المشتركة والاحترام المتبادل والالتزام المشترك بالتقدم المستدام.
تحيا الهند! تحيا تونس!
Vive l’Inde ! Vive la Tunisie !
زر الذهاب إلى الأعلى