في خطوة تؤكد تشددها في فرض الانضباط و تطبيق القانون، عقدت الهيئة المكلفة بتسيير الرابطة الوطنية لكرة القدم المحترفة اجتماعها يوم 17 أكتوبر 2025، وأصدرت جملة من القرارات ضد عدد من الأندية، إثر تجاوزات جماهيرية وأحداث شهدتها مباريات الجولة الأخيرة من البطولة.
جاءت هذه القرارات بعد دراسة دقيقة للتقارير الأمنية والتحكيمية، التي كشفت عن تكرار أعمال الشغب داخل وخارج الملاعب، ما دفع الرابطة إلى اعتماد نهج “الردع الوقائي” حفاظًا على سلامة اللعبة وصورتها.
عقوبات مالية من أجل الانضباط:
عكست العقوبات حجم التوتر الذي طغى على بعض المباريات، حيث تم تسليط خطايا مالية كبيرة على أندية بارزة:
المستقبل الرياضي بقابس: غرامة بـ 2500د بسبب رمي المقذوفات من جماهيره خلال لقاء النادي الإفريقي.
الأولمبي الباجي: خطية بـ7500د بعد تكرار نفس المخالفة للمرة الثانية.
الترجي الرياضي التونسي: عقوبة مالية هي الأثقل بقيمة 10000د ، بعد تكرار حوادث رمي المقذوفات خلال مواجهة النجم الساحلي.
الشبيبة القيروانية: غرامة مماثلة بـ 10000د إثر أحداث مشابهة خلال لقائها بالنادي الصفاقسي.
هذه الأرقام القياسية في العقوبات المالية تؤشر على توجه جديد للرابطة، يقوم على الصرامة المالية كوسيلة ردع بدل الاكتفاء بالتنبيهات أو التهديدات.
احتجاجات غير مبرّرة ومواقف انفعالية:
لم تقتصر العقوبات على الجماهير فقط، بل شملت جمعية النجم الرياضي بالمتلوي بخطية بـ5000د بسبب احتجاجات مكرّرة على قرارات الحكم، كما تم توجيه تنبيه رسمي للمدرب المساعد للترجي الجرجيسي بسبب تصريحات مخالفة لقيم الانضباط والروح الرياضية.
العنف اللفظي والميداني تحت المجهر:
امتدت العقوبات لتشمل أندية من مختلف الدرجات، مثل الإتحاد المنستيري والمستقبل الرياضي بالقصرين، والإتحاد الرياضي ببطانين الذي عوقب لتأخره في الدخول إلى الميدان.
كما تمت إحالة ملفات عدد من اللاعبين إلى اللجنة التأديبية لمزيد من التحقيق واتخاذ الإجراءات اللازمة.
قرارات مؤجلة ولكن تحت المراقبة:
من جهة أخرى، قررت الرابطة تأجيل البت في ملف الاعتراض المقدم من المستقبل الرياضي بقابس ضد النادي الصفاقسي، استجابة لطلب الدفاع، مع التأكيد على أن التأجيل لا يعني التهاون، بل ضمانًا لحق الاستماع والإنصاف.
الرابطة تُعيد ترتيب البيت الداخلي لكرة القدم التونسية:
تبدو الرابطة اليوم أمام تحدٍّ حقيقي يتمثل في إعادة ضبط سلوك الجماهير واللاعبين على حد سواء، فحجم الغرامات وعدد الملفات التأديبية يكشفان عن أزمة سلوك جماهيري أكثر من كونه مجرد تجاوزات فردية.
ويُجمع المراقبون أن هذه الصرامة، رغم كلفتها المالية للأندية، هي ضرورة ملحّة لإعادة هيبة البطولة، خاصة بعد إرتفاع منسوب الفوضى اللفظية والميدانية في الأسابيع الأخيرة.
فمن الواضح أن الرابطة تريد أن تُعيد الاعتبار لقانون اللعبة، وتؤكد أن الملعب فضاء للمنافسة لا للفوضى، وأن من يخالف ذلك سيدفع الثمن ماليًا وانضباطيًا.
ويرى البعض أن ما اتخذته الرابطة ليس سوى الخطوة الأولى في مسار طويل لإعادة الانضباط، داعين الأندية إلى توعية جماهيرها بدل الاكتفاء بالتنديد بالعقوبات.
نادرة الفرشيشي
زر الذهاب إلى الأعلى