Centered Iframe
أخبار عالمية

انتهاكات حرب السودان.. تمويل الجيش والإخوان مستمر رغم الإدانات الدولية

     يتدفق الدعم العسكري والسياسي لقوات الجيش السوداني وسلطة بورتسودان بقيادة عبد الفتاح البرهان، على الرغم من الإدانات الدولية التي تؤكد ارتكاب جرائم ضد القانون الدولي والإنساني، واستهداف للمدنيين خلال الحرب التي اندلعت في منتصف أفريل من العام 2023.

وكشف المرصد السوداني الوطني لحقوق الإنسان، في بيان له، الثلاثاء 23 ديسمبر، عن انتهاك جديد لسلطة بورتسودان من خلال “اعتقالات تعسفية واحتجاز قسري وعنف ممنهج من قبل الأجهزة الأمنية ضد المدنيين، وتوجيه تهمة التعاون مع الأطراف الأخرى في الحرب دون أدلة مؤكدة ومحاكمات عادلة”.

وكانت الأمم المتحدة قد أصدرت بيانا في أبريل الماضي مع ذروة عمليات الإعدامات الميدانية في الخرطوم بعد سيطرة قوات الجيش عليها، والميليشيات التابعة لتنظيم الإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية المتطرفة، وعلى رأسها “كتيبة البراء بن مالك” الذراع العسكري لجماعة الإخوان المسلمين المدرجة على قوائم الإرهاب في العديد من الدول، والتي تقاتل مع الجيش السوداني وتسيطر على مناطق واسعة في السودان منذ بداية الحرب، مستفيدة من التمويل الدولي الذي تحصل عليه من الدول التي ترعى التنظيم المتطرف وعلى رأسها قطر وتركيا والسعودية وتهريب الأسلحة عبر مصر

وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك: “أشعر بفزع كبير إزاء التقارير الموثوقة التي تشير إلى وقوع العديد من حالات الإعدام بإجراءات موجزة ضد مدنيين في عدة مناطق من الخرطوم”.

وحثت الأمم المتحدة السلطات في بورتسودان بالتوقف عن “الحرمان التعسفي من الحق في الحياة”، وقال تورك إن “عمليات القتل خارج إطار القانون في السودان هي انتهاكات جسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني”، بينما نشر المرصد السوداني مقاطع فيديو لكتائب إخوانية متطرفة تنفذ عمليات إعدامات ميدانية بدم بارد ضد المدنيين في الخرطوم.

وعلى الرغم من الإدانات الدولية والأممية المستمرة للبرهان وقواته في السودان، يتمتع قائد الجيش السوداني ورئيس سلطة بورتسودان بدعم المملكة العربية السعودية بشكل متواصل، إذ حظي البرهان باستضافة ولي العهد محمد بن سلمان في منتصف ديسمبر الجاري بقصر اليمامة بالعاصمة السعودية الرياض، “لبحث تصاعد الحرب في السودان”، بحسب وكالة الأنباء السعودية، مع تقديم الدعم السياسي المعلن لقائد الجيش السوداني، الذي وقعت ضده عقوبات أميركية في بداية العام الجاري بسبب “شن هجمات مميتة على المدنيين بما يشمل الغارات الجوية ضد البنية التحتية المحمية بما في ذلك المدارس والأسواق والمستشفيات، وحرمان المدنيين من المساعدات باستخدام الغذاء كسلاح حرب”.

ويعتمد الجيش السوداني على الميليشيات الإسلامية المتطرفة في الحرب، وعلى رأسها تنظيم الإخوان المسلمين وذراعه العسكري “كتيبة البراء بن مالك” التي أدانتها الولايات المتحدة رسميا وفرضت عليها عقوبات، كما أصدرت الأمم المتحدة بيانا لإدانتها بعد الإعدامات الميدانية في الخرطوم خلال مارس وأبريل الماضي، ورغم ذلك تتلقى الكتيبة الإخوانية المتطرفة الدعم من المملكة العربية السعودية التي ترعى الجيش والميليشيات التي تقاتل معه تحت اسم “القوة المشتركة”، رغم إصدار هيئة كبار العلماء السعودية قرارا في العام ٢٠٢٠، أكدت خلاله اعتبار التنظيم الإخواني “إرهابي لا يمثل نهج السلام”.

وبخلاف الدعم السعودي، يتلقى الجيش السوداني وميليشياته التابعة لتنظيم الإخوان دعما عسكريا من عدة دول على رأسها إيران وتركيا، وفقا لما نشرته صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية في مارس الماضي، إذ كشفت عن تسليم “شحنات سرية من الطائرات المسيرة والصواريخ التركية إلى جيش بورتسودان في العام الماضي، بواسطة فريق من شركة بايكار – أكبر شركة دفاعية في تركيا- رافق الشحنات على الأرض للتأكد من أن الصفقة تتم بسلاسة ولتدريب المقاتلين على استخدام المسيرات في الحرب السودانية.

وأشار التقرير الأميركي إلى أن تركيا أرسلت مسيرات وصواريخ بقيمة ١٢٠ مليون دولار على الأقل العام الماضي، “بما في ذلك ٨ طائرات مسيرة ومئات الرؤوس الحربية، وفقا لعقد وشهادة مستخدم نهائي حصلت عليها واشنطن بوست بالإضافة إلى رسائل أخرى ومعلومات تتبع الرحلات الجوية التي تدعم عملية نقل الشحنات السرية”.

استخدام أسلحة محرمة دوليا

وكانت وزارة الخارجية الأميركية قد أصدرت بيانا في مايو الماضي للمتحدثة باسم الوزارة، تامي بروس، تؤكد خلاله الحصول على أدلة تثبت استخدام الجيش السوداني للأسلحة الكيميائية خلال العام ٢٠٢٤، وأعلنت الولايات المتحدة توقيع عقوبات على سلطة بورتسودان بداية من ٦ يونيو الماضي تشمل تقييد الصادرات الأميركية إلى السودان ووضع حد للاقتراض المالي.

وبعد إدانة الولايات المتحدة للجيش السوداني، انضمت منظمات حقوقية ودولية أخرى، لإدانة قوات البرهان باستخدام الأسلحة الكيميائية، من بينها “هيومن رايتس ووتش” التي أعلنت في أكتوبر الماضي استخدام القوات المسلحة السودانية مادة الكلور المحرم دوليا بموجب اتفاقية الأسلحة الكيميائية، “ما يشكل جريمة حرب بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية”، ودعت المجتمع الدولي للتحرك الفوري لمحاسبة المسؤولين عن الجريمة وضمان عدم تكرارها؟

وبعد توقيع السودان على اتفاقية حظر انتشار الأسلحة الكيميائية عام 1992، أصبح مطالبا بتنفيذ كافة بنودها والتي من أهمها “نزع السلاح الكيميائي بتدمير كل ما قد تحوزه من المخزونات من الأسلحة الكيميائية ومرافق إنتاجها، وتدمير كل الأسلحة الكيميائية التي قد تكون خلـّفتها في الماضي على أراضي دول أطراف أخرى”، بحسب الموقع الرسمي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية.

وكان رد إدارة البرهان هو التملص من الاتهامات ونفيها، على الرغم من وجود أدلة من عدة جهات، لتكرر وزارة الخارجية الأميركية طلبها للسلطة القائمة في بورتسودان بضرورة الاعتراف بالانتهاكات التي شملت استخدم الأسلحة الكيميائية.

وذكرت إدارة الشؤون الأفريقية بالخارجية الأميركية أن “حكومة السودان عليها الاعتراف فورا بانتهاكاتها ووقف أي استخدم آخر للأسلحة الكيميائية، والتعاون الكامل مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، وأشارت الخارجية الأميركية إلى أن “استخدام الأسلحة الكيميائية في السودان أمر غير مقبول، وتشكل انتهاكات للاتفاقيات الدولي، وهذه العقوبات التي وقعت في يونيو الماضي ليست مجرد إجراءات رمزية، بل إنها الخطوة الأولى في المحاسبة على مثل هذا النوع من الانتهاكات، وهذا حجر الزاوية”.

وأعربت الخارجية الأميركية عن قلقها إزاء احتمالية استخدام المزيد من الأسلحة الكيميائية في السودان، وغيرها من أعمال العنف غير المبررة في البلاد.

وفي تحقيق جديد لقناة “فرانس ٢٤” خلال ديسمبر الجاري، استخدمت خلاله أدوات “مفتوحة المصدر”، تم التوصل إلى أدلة جديدة تؤكد تنفيذ الجيش السوداني بقيادة البرهان غارات جوية “باستخدام غاز الكلور لاستعادة مصفاة الجيلي الواقعة شمال بحري والتي كانت تحت سيطرة قوات الدعم السريع”.

هل يواجه البرهان مصير صدام والأسد؟

وجاءت الأدلة الجديدة التي تؤكد استخدام قوات البرهان للأسلحة الكيميائية المحرمة دوليا في حرب السودان الأهلية، لتضعه في مسار مشابه للرئيس العراقي السابق صدام حسين، ونظيره السوري بشار الأسد، بعد ثبوت استخدامهما للأسلحة الكيميائية خلال العقود الماضية، ما جلب لهما العقوبات الدولية.

وفي عهد الرئيس السابق بشار الأسد، شن الجيش السوري هجوما بالأسلحة الكيميائية على منطقة الغوطة في سوريا، واستهدف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة السورية في ضواحي دمشق بغاز السارين، وأشارت التقديرات إلى ارتفاع حصيلة الضحايا إلى بين ٢٨٠ قتيلا إلى ١٧٢٩ قتيلا.

وكشف فريق الأمم المتحدة في سوريا بعد الضربة التي وقعت في ٢١ أغسطس ٢٠١٣ عن حصوله على “أدلة دامغة ومقنعة” على استخدام غاز السارين الذي أطلقته من خلال “صواريخ أرض أرض” كما كشف “مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة في العام التالي للحرب عن “استخدام كميات كبيرة من غاز السارين في الهجوم الذي استهدف مناطق مأهولة بالمدنيين ما أسفر عن خسائر كبيرة بين المواطنين”.

وكان الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين قد استخدم أسلحة كيميائية في هجوم على منطقة “حلبجة” خلال ضربات موجهة لمنطقة كردية في ١٦ مارس من العام ١٩٨٨، وتوصلت فرق الأمم المتحدة بعد تحقيقات طبية وميدانية إلى أن الجيش العراقي “استخدم غاز الخردل في الهجوم إلى جانب غازات عصبية أخرى مجهولة”، وأشارت التقارير إلى أن أعداد القتلى تتراوح بين ٣ آلاف إلى ٥ آلاف قتيلا، مع وصول الإصابات إلى نحو ١٠ آلاف شخص.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى