Centered Iframe
منوعات

الدروس المستفادة من هذه المعجزة الكبرى

قال تعالى: *سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ…* (الإسراء:1).

هذه الآية القرآنية الكريمة جاءت في مطلع سورة الإسراء‏، وهي سورة مكية‏.

وآياتها مائة وإحدى عشرة بعد البسملة، وقد سميت بهذا الاسم لاستهلالها بالحديث عن معجزة الإسراء برسول الله ﷺ من المسجد الحرام في مكة المكرمة إلى المسجد الأقصى في القدس الشريف، هذه الرحلة التي تلتها معجزة أخرى وهي العروج بهذا النبي والرسول الخاتم إلى سدرة المنتهى مرورا بالسماوات السبع العلى. حديث الآية الكريمة عن رحلة الإسراء في ليلة 27 رجب من السنة السابقة على الهجرة النبوية الشريفة (أي في حدود سنة 620 م)، طاف رسول الله ﷺ حول الكعبة المشرفة ليلا وحيدا، ثم عاد إلى بيته، وأوى إلى فراشه، وعند منتصف الليل جاءه جبريل عليه السلام ليوقظه من نومه مخبرا إياه بأن الله تعالى يدعوه إلى رحلة السماء. وعلى الفور تحرك الركب الكريم بالبراق من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، حيث استقبلتهما ثلة من الملائكة الذين صلوا خلف رسول الله ﷺ في المسجد الأقصى.

وقد جاءت سورة الإسراء مؤكدة هذه الرحلة الكريمة في مطلعها، وجاءت سورة النجم مؤكدة ما تلى ذلك من العروج برسول الله ﷺ إلى سدرة المنتهى عبر السماوات العلى. وعند سدرة المنتهى رأى جنة المأوى، ثم راح يصعد حتى سجد بين يدي رحمن الدنيا والآخرة، وتلقى منه الأمر بالصلاة، ثم عاد إلى بيت المقدس حيث صلى إماما بأنبياء الله ورسله، ثم عاد إلى مكة المكرمة ليجد فراشه لا يزال دافئا، وهذا يعني أن الله تعالى قد طوى له المكان وأوقف له الزمن.

وعندما جاء الصباح، حدث رسول الله ﷺ أهل مكة بأخبار رحلته، فكان منهم من صدقها، ومنهم من لم يصدقها.

وكان أول المصدقين بها أبو بكر بن أبي قحافة، ومن هنا سمي الصديق. وطفق مشركو مكة يتناقلون الخبر في سخرية واستعجاب حتى تحدى بعضهم رسول الله ﷺ أن يصف لهم بيت المقدس. عندئذ جلى الله سبحانه وتعالى لرسوله الكريم صورة بيت المقدس، فطفق يصفه لهم وصفا تفصيليا لكل ما يسألون عنه. وفي صبيحة ليلة الإسراء والمعراج، جاء جبريل عليه السلام ليخبر رسول الله ﷺ بكيفية أداء الصلاة المفروضة وأوقاتها، وكان ﷺ يصلي قبل ذلك ركعتين صباحا ومثليهما مساء كما كان يفعل إبراهيم عليه السلام، وذلك قبل مشروعية الصلاة.

من الدروس المستفادة من هذه المعجزة الكبرى:

(1) الإيمان بأن الله تعالى على كل شيء قدير وذلك لأن المعجزة خرقت كلا من المكان والزمان.

(2) التسليم بحقيقة الملائكة، والوحي، والنبوة والرسالة، وباصطفاء الله تعالى لأنبيائه ورسله، وبضرورة الإيمان بهم جميعا دون تمييز أو تفريق.

(3) اليقين ببعثة خاتم الأنبياء والمرسلين، وبوحدة رسالة السماء، وبالأخوة بين الأنبياء، وبين الناس جميعا.

(4) التسليم بأن المعجزات خوارق للسنن، وبالتالي فإن العقل البشري لا يستطيع تفسيرها. ونحن نسلم بصحتها لوجود ذكر لها في كتاب الله وفي سنة رسوله ﷺ.

(5) الإيمان بأن الله تعالى فضل بعض الأماكن على بعض، وبعض الأزمنة على بعض، كما فضل بعض النبيين وبعض الرسل على بعض، وحتى بعض الناس العاديين على بعض.

(6) التأكيد على ثقة المؤمن بمعية الله تعالى، وبأنه إذا انقطعت حبال الناس، فإن حبل الله المتين لا ينقطع أبدا ما دام العبد مؤمنا بربه، متوكلا عليه، مستقيما على طاعته.

(7) الإيمان بحتمية مجيء اليسر بعد العسر، وبضرورة الثبات على الحق حتى يأتي الله بالفرج.

( اليقين بأن الابتلاء من سنن الحياة، وأنه من وسائل التربية والتطهير والتزكية، ورفع الدرجات).

(9) الإيمان بأنه كما أن إلهنا واحد فلا بد أن تكون هدايته للبشرية واحدة، وأن يكون دينه واحد هو الإسلام العظيم الذي علمه لأبينا آدم عليه السلام لحظة خلقه، ثم أنزله على سلسلة طويلة من أنبيائه ورسله، ثم أكمله وحفظه في القرآن الكريم وفي سنة خاتم الأنبياء والمرسلين. ويؤكد ذلك إمامة رسول الله ﷺ للأنبياء والمرسلين في الصلاة في بيت المقدس.

(10) التأكيد على أن الإسراء والمعراج برسول الله ﷺ كان بالجسد والروح معا، وفي حالة من اليقظة الكاملة وذلك من الشهادة على طلاقة القدرة الإلهية المبدعة والتي لا تحدها حدود ولا يقف في طريقها عائق.

(11) التسليم بأن معجزة الإسراء والمعراج جاءت تكريما لرسول الله ﷺ بعد المعاناة الطويلة التي عاناها من الكفار والمشركين، وبعد تخلي أغلب أهل الأرض عنه، وتآمرهم عليه، ومطاردتهم له، حتى يكون ذلك درسا لكل مؤمن برسالته.

الدكتور زغلول النجار- الإعجاز العلمي

Centered Iframe

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى