نشرت صحيفة “بوليتكيو” الأمريكية تقريراً تناولت فيه معلومات عن فرض بعض الدول العربية، ومن بينها دولة الإمارات العربية المتحدة، قيوداً متزايدة، على استخدام الولايات المتحدة لمنشآتها العسكرية في أراضيها، لشن غارات جوية انتقامية على المليشيات التابعة لإيران في المنطقة.
التقرير الذي نشرته الصحيفة ربط بين ما يجري حالياً في المنطقة وبين القيود التي تفرضها بعض الدول على استخدام المنشآت الأمريكية، إلا أنه لم يتطرق إلى جذور الموضوع المرتبطة بأزمة الثقة التي باتت تغلف العلاقة بين واشنطن وعواصم عديدة في المنطقة، نتيجة السياسات الأمريكية تجاه الشرق الأوسط وأزماته خلال السنوات الماضية، وذلك بحسب خبير مختص بقضايا الشرق الأوسط.
ويؤكد الخبراء أن المعلومات التي أوردها التقرير إن صحت فلها ما يبررها، ولها جذور سياسية تعود إلى فترة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما والذي بدأت في عهده بوادر الاستدارة الأمريكية نحو آسيا، والتراجع عن التزاماتها الاستراتيجية تجاه أمن الشرق الأوسط وقضاياه .المحطة الأخرى التي عززت من فجوة الثقة بين المنطقة وواشنطن والتي كانت تعتبر شريكاً استراتيجياً جاءت مع التعامل الأمريكي مع الحرب ضد الحوثيين في اليمن.ويضيف الخبراء أن الانسحاب الأمريكي المفاجئ وغير المتوقع من أفغانستان كان بمثابة القشة التي قصمت ظهر الثقة بين واشنطن وحلفائها.
ولم يستبعد الخبراء أن دولة الأمارات فرضت قيوداً بشأن استخدام الولايات المتحدة لمنشآتها العسكرية لتوجيه ضربات انتقامية ضد المليشيات التابعة لإيران، خاصة وأن الهجوم الحوثي على مرافق مدنية في أبوظبي في مطلع العام 2022 قوبل بموقف أمريكي كان مستغرباً جداً.يشار الى أن العلاقات الإماراتية مع الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تندرج تقليدياً في نطاق التحالفات الاستراتيجية التاريخية، شهدت في عهد الرئيس بايدن نقلات مُلفتة عكست درجة غير مسبوقة من الاستقلالية التي تبدأ من القرارات النفطية ولا تنتهي بالترتيبات العسكرية والسياسة والأمنية.وأشار الخبراء الاستراتيجيون إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة رفضت مطالب الرئيس بايدن بتقنين إنتاج النفط رداً على الحرب الروسية في أوكرانيا، كما لم تشأ أن تنضم إلى التحالف الأمريكي الذي شكلته الولايات المتحدة في البحر الأحمر تحت اسم “حارس الازدهار”.
بالمجمل، فإن تقرير الصحيفة الأمريكية إن صحت معلوماته فهو منسجم تماماً مع الشواغل المرتبطة بالثقة بين العديد من العواصم العربية وبين الإدارة الأمريكية، فليس من الحكمة السياسية اليوم أن تغامر أي دولة بالدخول في جهد أمريكي عسكري، وفي ذات الوقت في الخلفية هناك هاجس بأن واشنطن قد تنسحب في أي وقت دون أي ترتيب أو تنسيق مع الحلفاء، وتعود إلى سياستها واستدارتها إلى الصين.
زر الذهاب إلى الأعلى