Centered Iframe
Centered Iframe
أخبار وطنية

شركة ألمانية خطيرة فرضت منتوجاتها المسرطنة في تونس

    نشرت صحيفة الصباح تحقيقا استقصائيا يؤكد أن 20 الف لتر من المبيدات الفلاحية المسرطنة والمثبتة أضرارها مخبريا على البشر والبيئة، تم تخزينها للاستعمال في الموسم الفلاحي 2024/2025 في تونس بعلم و بموافقة وزارتي الفلاحة والصحة،

واليكم نص التحقيق كاملا :

تونس-الصباح

بالرغم من منع بيعها واستعمالها في جميع الدول المتقدمة ومنها دول الاتحاد الأوروبي منذ سنوات، فإن كميات كبيرة من المبيدات الفلاحية المسرطنة والمثبتة أضرارها مخبريا على البشر والبيئة والموردة خاصة من دول غربية، مازالت تباع بشكل كبير للفلاحين التونسيين بعلم وحتى بموافقة وزارتي الفلاحة والصحة اللتين، وحسب ما توفر لدينا من معلومات، تم إعلامهما وتنبيههما رسميا بالأمر عبر مراسلات منها الصادرة عن اتحاد الفلاحة والصيد البحري والتي طالبت بإيقاف توريد واستعمال هذا المنتوج المسرطن الذي أضر بالعديدين في عدد من الدول بما في ذلك تونس وفق تقارير إعلامية ومنظماتية وطبية وحتى أحكام قضائية أكدت أن هذا المبيد كان السبب المباشر في إصابة عدد من مستعمليه بالسرطان.

ولسائل أن يتساءل، لماذا هذه المبيدات المصنعة من قبل مخابر كيمياوية وشركات عملاقة عالمية على غرار BASF و BAYER وغيرهما.. والتي تم التأكد والاعتراف من قبل جميع الوكالات ووزارات الصحة الأمريكية والأوروبية بأنها مسرطنة وبالتالي تم منع تداولها واستعمالها بل والتخلص منها كليا في أوروبا وغيرها من الدول يتواصل تصنيعها وتوريدها عبر المزودين والتجار وتحصل على التراخيص في بعض الدول الإفريقية خاصة ومن بينها تونس التي اقتصرت وزارة الفلاحة في شهر جويلية 2023 على إصدار قائمة في المواد المشبوهة مطالبة بسحبها على أن يتواصل استغلال ما هو موجود في المخازن بل أكثر من ذلك مواصلة توريد ما تم إنهاء التعاقد بشأنه قبل 23 جويلية 2023.

تقارير رسمية وشهادات وطنية وأجنبية

هذا السؤال طرحناه على عديد الأطراف المعنية في تونس والخارج، منها وزارة الفلاحة وخاصة الشركة الألمانية المصنعة BASF ووجهنا مراسلات لكل الأطراف المسؤولة فيها في ألمانيا والمغرب (المكتب الإقليمي) وممثلها في تونس وذلك بعد بحث وتقص في عديد الملفات والوثائق المتعلقة بالموضوع منها تقارير رسمية وطبية ودعوات قضائية مرفوعة ومراسلات وكلها تشير الى وجود شبهات تلاعب وفساد ولوبيات في الداخل والخارج لا تتأخر عن المتاجرة بأي شيء من أجل مصالحها الضيقة لا غير.

تساؤلاتنا وجهناها بالأساس الى الشركة الألمانية المصنعة BASF بمختلف مسؤوليها وفروعها باعتبارها المسؤولة الأولى على المبيد المسرطن حتى أن اتحاد الفلاحة والصيد البحري سبق له اتهامها مباشرة بتصدير منتوجات سامة هذا الى جانب جملة المقالات الصحفية الوطنية والدولية التي اتهمتها بمواصلة تصدير منتوجاتها المسرطنة الى بعض الدول دون أخرى واعتبرت ذلك ميزا عنصريا وعرقيا يستهدف بعض الشعوب دون غيرها وخاصة الشعوب المسلمة والعربية.

وحسب بعض البحوث التي قمنا بها، ثبت أن شركة BASF لها سوابق في المجال وخضعت لعديد التتبعات القضائية وأجبرت قضائيا على دفع تعويضات للمزارعين وعائلاتهم في عدد من دول الشمال بعد احكام صدرت ضدها خاصة في الولايات المتحدة والتي اقرت بمسؤولية الشركة الألمانية في عديد الملفات منها قضية cancer alley وكذلك قضية glyphosate وكذلك قضية dicamba … وقد قضت المحاكم على BASF بدفع غرامات وتعويضات باهظة منها التي كانت لفائدة مزارع أمريكي تحصل من الشركة الألمانية (بالتضامن مع BAYER) على تعويض بقيمة 260 مليون دولار (حوالي 900 مليار تونسية) بعد الأضرار الجسدية والصحية التي لحقته جراء استعمال منتوجاتها.

حول هذا الموضوع أجابت BASF عن سؤالنا الموجه لها بقولها: “إن الاتحاد الأوروبي لديه مبدأ تقييمي مختلف عن بقية دول العالم وأنها تركز في منح ترخيص الاستعمال في منطقة الاتحاد الأوروبي على الخطر المحدق وعلى خاصيات العينة وكل خطر محتمل ولا على العرض في ظروف واقعية ضمن الممارسة الزراعية.. وفي دول عديدة ليست بالضرورة دولا في طور النمو، يمكن أن تكون هناك تراخيص لاستعمال منتوجات غير مسجلة في منطقة الاتحاد الأوروبي”.

علاقة مباشرة للمبيد بإصابات سرطانية

وبالتأكيد فإن الأضرار التي تسببت فيها المبيدات المسرطنة المنتجة من قبل BASF للفلاحة التونسيين موجودة وموثقة وهناك عديد الشهادات الطبية التي تؤكد علاقة إصابات بالسرطان بالمبيدات المذكورة (تتوفر “الصباح” على عينات منها).. وإضافة الى ما يعانيه من بقي حيا من المصابين من آلام وتعب ومصاريف، فإنه من الضروري الإشارة هنا كذلك الى الضرر اللاحق بصندوق التأمين على المرض (ماضيا وحاضرا ومستقبلا) الذي يتكفل بعلاج المصابين دون أن يحاول البعض من المسؤولين -أو يرغب- في ربط الإصابات العديدة للفلاّحة بمرض السرطان باستعمال المبيد المسرطن في بلادنا. بينما نجد مثلا أن السلطات الفرنسية أنشأت إدارة خاصة لدى صندوق التأمينات الاجتماعية وصندوق تعويض وتكفل آلي ومباشر خاص بالأمراض المهنية التي تصيب المزارعين جراء المنتوجات الصحية والدوائية المعتمدة للنباتات.

لوبيات ومصالح شركات

وحسب ما تأكد من بحثنا فإن BASF وحتى تمرر سياساتها التجارية وإن كان على حساب صحة البشر تعتمد على شبكة لوبيينغ مكثفة تخصص لها ملايين الأوروات خاصة للتحرك ضد القوانين التي تمنع استعمال منتوجات مشكوك في سلامتها في مختلف دول العالم.

وقد طرحنا السؤال على مسؤولي BASF لمعرفة أي دور لهذه اللوبيات في تونس وهل تحركت بصفة مباشرة أو عبر موزعيها للتأثير بأي طريقة كانت للحصول على تراخيص من الوزارات والإدارات المعنية في تونس لمواصلة توزيع منتوجاتها المشكوك في سلامتها في بلادنا مثلما كان الأمر مع عدد من الدول الغربية.. لكن BASF اختارت عدم الإجابة على هذا السؤال بالذات دون بقية الأسئلة!!

ومن جهتنا، فإننا نتساءل عن غياب أي موقف طيلة 6 سنوات من الشكاوى المتعلقة بمنتوجات مشكوك في سلامتها ومضرة بالصحة وعدم الأخذ بعين الاعتبار المراسلات الرسمية التوضيحية لاتحاد الفلاحة والصيد البحري الموجهة في شهر نوفمبر 2021 لوزارتي الفلاحة والصحة والتي طالبت فيها بالمنع الفوري لتوريد وتوزيع واستعمال المنتوجات التي ثبت أنها مسرطنة.

وبالرغم من عديد المقالات الصحفية المنشورة في السنوات العشر الأخيرة والتي أشارت الى خطورة الملف وتأكيد ذلك من بعض الخبراء الذين أكدوا على وجود مبيد فلاحي مصنع من قبل Basf وغيرها تحمل مادة فاعلة تسمى époxiconazole ممنوعة من قبل الوكالات المحلية والدولية للسلامة الصحية (فرنسا والاتحاد الأوروبي مثلا) منذ سنة 2008. وحسب مصادرنا، فان Basf وعبر المزودين تواصل تزويد شركاءها التجاريين التونسيين بمبيدات مسرطنة الى اليوم من ذلك أن أكثر من 20000 لتر من مبيد époxiconazole وغيره من المواد الأخرى متواجدة اليوم في المخازن بغرض استعمالها في تونس خلال الموسم الزراعي 2024-2025.

التتبعات القضائية

كل هذه الخروقات والأضرار الناتجة عنها كان لها بالتأكيد تبعات قضائية حيث تم رفع عدد من القضايا ضد Basf أمام المحاكم التونسية منها تلك المرفوعة من قبل ممثلها الحصري “السابق” في تونس. هذه القضية الجارية الى حد اليوم يتهم فيها هذا الأخير شركة BASF وبعض المسؤولين الإداريين في تونس بالتدليس ومسك واستعمال مدلس والمشاركة في ذلك والأضرار بالإدارة ومخالفة التراتيب المنطبقة لتحقيق الفائدة أو إلحاق الضرر وكل ذلك فيما يتعلق بمبيد “بوكسيت” ومحاولة إثبات مطابقته للمواصفات وهو ما من شانه أن يعود بالضرر على مصالح الفلاّح والإنتاج الوطني الفلاحي والأمن الغذائي جراء بيع منتوج بلا أي فاعلية ومردودية، مقابل ما سيحققه المشتكى بهم من أرباح نتيجة ذلك.

كما أن الملف القضائي الخاص بمبيد “بوكسيت” شملته كذلك تتبعات ضد عدد من المسؤولين فيما يتعلق بالتقرير العلمي الذي تم الطعن فيه بالتدليس من اجل تغيير الحقيقة وذلك بتثبيت جرعة منخفضة الى النصف قدرها 0.75 لتر للهكتار والتي تتعارض مع الجرعة المقررة بتقرير الفاعلية البيولوجية للشركة المصنعة وهي 1.5 لتر للهكتار الواحد. كما أن التقرير شملته عديد الخروقات الشكلية من حيث الإمضاء والطابع وجهة الإصدار وهي بيانات غابت عن التقرير الذي أكد المعهد الوطني للزراعات الكبرى المنسوب له إعداد التقرير أنه لم يكن له أثر في أرشيفه، كما أنه لم يكن مخزّنا بأجهزة الإعلامية الخاصة بالمعهد، كما أن التقرير المذكور لا يمكن أن يعتد به فهو مجرد رأي فني ولا دخل للمعهد في الغرض المراد منه ولا يحل محل ملف الفاعلية البيولوجية للشركة المصنعة، كما أكد أن أي تقرير يجب أن يحتوي على ذكر الإطار الذي تم فيه والاتفاقية والجهة التي طلبت إنجازه وأنه طالما أن هذا التقرير لا يحتوي على تلك البيانات فإنه يجهل كيف أجري وبموجب ماذا ومن طلب إنجازه؟ كما أن أي تقرير يصدر عن المعهد لا يحمل ختم المعهد ولا إمضاء من له الصفة ولا يكون مسجلا بمكتب الضبط، لا يلزم المعهد في شيء.

والغريب أنه وللتغطية على هذه الخروقات تم الاستنجاد وفي مناسبتين (2012 و2018) بمصادقة على البيانات من قبل مسؤولين من القسم العلمي لـBASF لودقنشافن بألمانيا بالرغم من أن تقييم علمي آخر (تتوفر “الصباح” على نسخة منه) وهو تقرير أوروبي مستقل أشار الى عدم فاعلية التقرير وعدم توفر أدنى المقومات الضرورية العلمية ضمن تركيبته وشكك في التقرير المعد سلفا.

وقد توجهت “الصباح” باستفسار الى BASF حول هذا التقرير فكان جوابها بأنها “لا تعلق بالمرة على الدعاوى القضائية المرفوعة”. ونفس الجواب كان حول سؤالنا لمسؤولي BASF في ألمانيا حول القضية المرفوعة ضد ممثلها في منطقة شمال إفريقيا وعدم استجابته لدعوة القضاء التونسي للمثول أمامه حيث كان جوابهم: “لا نعطي أي معلومات تتعلق بأعواننا”.

من بين الأسئلة كذلك هو كيفية دخول هذه المبيدات الأراضي التونسية دون شهادة بلد المنشأ باعتبار أن بلد المنشأ وهو ألمانيا أوقفت الإنتاج والتوزيع وبالتالي أوقفت منح شهادة المنشأ وهو ما يعني أن المبيدات دخلت البلاد التونسية بصفة غير شرعية.

دعم للكيان الصهيوني واستهانة بحقوق الأقليات المسلمة

وما اكتشفناه في بحثنا وتحقيقنا الاستقصائي في الموضوع، فإن الشركة الألمانية BASF لها عديد السوابق القضائية وعديد الملفات، تعرضت لها وسائل الإعلام الألمانية ومنها دوتش فيلا وDie Rheinpfalz خاصة سنة 2018 تعلقت بخلاص دراسات وهمية وفواتير مزورة بالمقر الألماني قدرت قيمتها بملايين الأوروات. وهو ما لم ينفه مسؤولو BASF عند سؤالنا إياهم في الموضوع وأجابوا بأن تحقيقاتهم في إطار حسن الحوكمة أفضت الى اكتشاف مثل هذه التجاوزات وعملت على عدم تكرارها.

وحسب أبحاثنا فإن تركيز الصحافة الألمانية مع BASF كان كبيرا في السنوات الأخيرة حيث أدانت قنوات ZDF و”دير شبيغل” الشركة العملاقة في ما يتعلق بممارساتها المخلة بحقوق الأقليات المسلمة في الصين (قضية xinjiang Markor) وهو ما يؤكد أصابع الاتهام الموجهة إليها بعدم حيادها السياسي والعرقي والديني وهو ما أكدته سياستها ومواقفها تجاه العدوان الإسرائيلي على غزة حيث أبدت تعاطفها مع المحتل ووضعت علم الكيان الإسرائيلي في الصفحة الرئيسية لموقعها (وهو ما لم تقم به أي شركة عبارة للقارات) وهاجمت المقاومة الفلسطينية ولم تبد أي موقف مما يتعرض له الشعب الفلسطيني منذ 7 أكتوبر الماضي.. وهي مواقف غريبة وغير مقبولة من شركة دولية عملاقة. وهي نقطة لم تتأخر “الصباح” في طرحها على مسؤولي الشركة الألمانية الذين أجابوا: “إننا نتابع بانشغال الوضع في الشرق الأوسط ونأمل بكل صدق في إيجاد حل سلمي يحمي كل الأشخاص الأبرياء في منطقة الشرق الأوسط”. ومما وجبت الإشارة إليه أنه وبعد 24 ساعة من وصول رسالتنا الى الشركة الألمانية تم سحب علم الكيان وبلاغ الدعم لإسرائيل من الصفحة الرئيسية لـ BASF.

وفي ما يتعلق بقضية المس من حقوق الأقليات المسلمة في الصين والاعتداءات والميز العنصري والتشغيل القصري ضدهم من قبل BASF (قضية xinjiang Markor) والتي كانت محل احد الأسئلة الموجهة الى الشركة الألمانية، كان ردها بان :”التقارير الصحفية المنشورة حول نشاط شركائنا وممثلي الشركة سنتي 2018-2019 تتضمن اتهامات ووقائع خطيرة تتعلق بأنشطة تتعارض مع قيم BASF..لذلك فإن الشركة تسارع في مسار التفويت في أسهمها في المؤسستين الصينيتين وهي في تفاوض ونقاش مع السلطات المعنية من أجل ذلك.. ان BASF تستجيب لكل المعايير الخاصة بحقوق الإنسان، التشغيل والمعايير الاجتماعية للأمم المتحدة وألمانيا والاتحاد الأوروبي وكذلك القانون الأمريكي حول الوقاية من الأعمال الشاقة ouighour (UFLPA)”.

ولا بد من الإشارة في الختام أن الحديث عن BASF اليوم هو حديث عن عملاق اقتصادي كبير لا يقتصر على صناعة الأشرطة السمعية والبصرية مثلما كان في ثمانينات القرن الماضي بل هو اليوم يحتل المرتبة الأولى ضمن عمالقة المجموعات الكيمياوية في العالم ومن بين المساهمين في رأسمالها الصناديق الكبرى vanguard،Blackrock ،Norges BIM… أي أنها ليست في حاجة الى تعاملات مشبوهة يمكن أن تضر بالصحة والبيئة ومداخيلها العادية السليمة تتجاوز ميزانيات دول وهو ما لم تنفه الشركة في ردها على تساؤلاتنا الموجهة إليها حيث ذكرت أن آفاقها المالية لسنة 2024 هي المحافظة على مرابيح السنة الماضية قبل الضرائب في حدود 8.5 مليار أورو”.. كما أن رقم معاملات الشركة يبلغ تقريبا 90 مليار أورو وهو ما يساوي تقريبا مرتين الناتج المحلي الإجمالي لتونس.

كذلك من الضروري أن تتعامل السلطات التونسية اليوم مع ملف المبيدات المسرطنة مثلما كان التعامل مع ملف النفايات الإيطالية ليتم إجبار الأطراف الموردة والشركة المصدرة على إرجاع المبيدات من حيث أتت وعلى حساب الأطراف المورطة الى جانب المطالبة بالتعويضات للفلاحة المتضررين وكذلك لصندوق التامين على المرض الذي تكبد خسائر بالمليارات مصاريف تكفل علاج أمراض مزمنة…

إن بحثنا الاستقصائي والملف الذي طرحناه والذي كانت شركة BASF الألمانية أساسه ومحوره هو نتيجة توفر معطيات محلية وأجنبية في ما يتعلق بالمبيدات المسرطنة والأضرار التي لحقت الفلاحة التونسيين، لكن من الواضح وحسب قائمة المبيدات المحظورة في وثيقة وزارة الفلاحة الصادرة يوم 23 جويلية 2023 ان هناك مخابر وشركات دولية أخرى مورطة منها على سبيل الذكر Bayer و corteva وsyngenta… شركات عملاقة لا تعنيها صحة البشر وخاصة شعوب دول الجنوب ولم تتورع عن مساندة الكيان الصهيوني ودعمه علنا في حرب الإبادة ضد أبناء الشعب الفلسطيني. وعلى سلطاتنا التصدي والضرب بقوة ضد كل من يجرؤ على التلاعب بصحة أبنائنا وقطع العلاقات التجارية معها خاصة ان مثل هذه الشركات لها ارتباطات وتعاقدات مع عديد الوزارات والمؤسسات العمومية الكبرى في تونس.

مع العلم انه وبالإضافة الى ملف المبيدات المسرطنة، فان BASF تورطت سنة 2017 كذلك في فضيحة صحية أخرى، تتعلق بمبيد حشري يستعمل في الطب البيطري (fipronil) حيث أكد مربو النحل في أوروبا (8 دول) بان المبيد تسبب في أضرار كبيرة للنحل (إبادة ونسب مرتفعة من الوفيات) ثم انتقلت العدوى للدجاج في أوروبا حيث أصاب المرض 15 بلدا في الاتحاد الأوروبي استوردت بيضا ملوثا بالمبيد الحشري “فيبرونيل” بالإضافة إلى هونغ كونغ وسويسرا وهو ما جعل السلطات التونسية تتدخل بسرعة هذه المرة وتحذر في بلاغ لها بتاريخ 16 أوت 2017، من استعمال منتوج “فيبرونيل .

عديد الاستفهامات مازالت قائمة وتعامل غير مفهوم من السلطات التونسية مع هذا الملف في الوقت الذي كان يمكن تطبيق ومسايرة ما تقرره سلطات الاتحاد الأوروبي مثلا وحتى الإجراءات والتراتيب الفرنسية باعتبار أن مخابرهم متطورة ولا مجال لديهم للمخاطرة ولو بنسب ضعيفة بالصحة البشرية والحيوانية والنباتية.

قوانين وضوابط تنظم استعمال وتوريد المبيدات

يخضع قطاع المبيدات في تونس لقوانين وضوابط والتوريد من قبل الشركات المرخص لها يتمّ وفقا لكراس شروط وإجراءات دقيقة ومقنّنة.

ويخضع توريد المبيدات وجوبا للمصادقة الإدارية وتمر بإجراءات عديدة حيث يتمّ إخضاع عيّنات منها إلى التحاليل والتجارب كما يشترط حصولها على موافقة لجنة المصادقة التي تضم ممثلين عن وزارات عديدة بالإضافة إلى وزارة الفلاحة.

وترفع هذه اللجنة رأيها الفني والعلمي لوزير الفلاحة الذي يتخذ في نهاية المطاف القرار استنادا لذلك.

كما أنّ الدراسات السمية والتأثيرات البيئية والشوائب تصدر عن مخابر معتمدة وفقا للأمر الصادر في 15 نوفمبر 2010.

وتونس من بين الدول المصادقة على معاهدات دولية بهذا الخصوص وملتزمة بمدونات سلوك منظّمتي الأغذية والزراعة ومنظّمة الصحة العالمية. من ذلك مصادقة تونس على اتفاقية “ستوكهولم” المتعلقة بالمبيدات العضوية شديدة الثبوت واتفاقية روتردام التي تخص تداول الاتجار الدولي لمبيدات شديدة الخطورة، وتضم قائمة المبيدات المحظورة بمقتضى الاتفاقيتين المذكورتين العشرات من المواد والتي لم تعد موجودة في تونس منذ الثمانينات.

يذكر أن قائمة المبيدات خضعت لمراجعات سابقة في السنوات 2011 و2017 و2023 وتمّ حظر العديد منها.

“الصباح” تراسل الأطراف المعنية.. الشركة الألمانية تتفاعل.. ووزارتا الفلاحة والصحة تتجاهلان

استكمالا لملفنا الاستقصائي وحتى تكون مواقف كل الأطراف المتداخلة موجودة حتى تبدي رأيها وتمارس حقها في الردّ، وجهنا عددا من الأسئلة في الموضوع لكل من :

– مسؤولي شركة BASF الألمانية في لودفيغسهافن

– الممثل الإقليمي للشركة الألمانية بالمغرب

– الممثل القانوني للشركة بتونس

– وزارة الفلاحة

– وزارة الصحة

ولم نتحصل على أجوبة بشأن أسئلتنا (باستثناء البعض) من قبل ممثلي الشركة الأم في لودفيغسهافن الألمانية التي تفاعلت مشكورة مع استفساراتنا حتى المحرجة منها. في حين اكتفت الإدارات التونسية المعنية بالاطلاع دون إجابة.

وفي ما يلي بعض الأسئلة الموجهة لمسؤولي BASF في ألمانيا والمغرب وتونس وكذلك الأسئلة الموجهة لوزارة الفلاحة:

1) كيف تفسر مجموعة BASF مواصلة توزيع منتوجاتها ومبيداتها التي ثبت أنها مسرطنة وقاتلة والموجهة للفلاحة والمزارعين في عدد من الدول منها تونس بالرغم من منع وحظر استخدامها في كامل دول الاتحاد الأوروبي؟

2) بالنظر الى الأحكام القضائية الصادرة خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية والتي أقرت بمسؤولية BASF ( مثلا في قضايا ‘cancer alley’, glyphosate, dicamba) وإقرارها بغرامات وتعويضات هامة للمتضررين (250 مليون دولار لأحد المزارعين الأمريكيين)، فهل أن مؤسستكم على استعداد لتحمل مسؤولياتها وتقديم تعويضات لمن تضرر من التونسيين جراء استعمال مبيدات حشرية ثبت كونها مضرة بالصحة خاصة في صورة صدور أحكام قضائية بذلك؟

3) لجأت BASF بصفة رسمية لسياسة اللوبيينغ وخصصت لذلك ملايين الأوروات خاصة للتصدي لإصدار قوانين تمنع استعمال منتوجات مسرطنة وتدخلت لدى الاتحاد الأوروبي والمنظمات غير الحكومية والحكومات والوزارات لمنع كل ما من شانه أن يضيق من نشاط الشركة. فهل تم اللجوء الى نفس السياسة في تونس مما مكن BASF من مواصلة توزيع منتوجات محظورة أوروبيا في بلادنا؟

4) هل يمكن اعتبار تجاهل مراسلات اتحاد الفلاحة والصيد البحري المحذرة من المبيدات المسرطنة نجاحا لـBASF في فرض سياساتها وفرض منتوجاتها حتى وإن ثبت أنها مسرطنة من ذلك تواصل الاستعمال والإبقاء على 20000 لتر من المبيد المسرطن في المخازن ولدى الفلاحة لاستعمالها في الموسم الزراعي القادم؟

5) عديد المقالات الصحفية والتقارير الطبية وتقارير منظمات غير حكومية حذرت من منتوجات مسرطنة على غرار époxiconazole المحظور رسميا ومنذ 2016 من قبل الوكالات الوطنية للسلامة الصحية في فرنسا والاتحاد الأوروبي.. فكيف واصلت BASF فرض منتوجاتها المسرطنة في السوق التونسية والتي ستستعمل حتى في الموسم الزراعي 2024-2025.

6) بماذا تفسر BASF الدعاوى القضائية المرفوعة ضدها في تونس وشبهات التدليس واستعمال مدلس فيما يتعلق بوثائق رسمية تتعلق بمادة “بوكسيت” من اجل فرض استعماله؟

7) ماذا عن الملف القضائي المتعلق بالممثل الإقليمي لـ BASF المتواجد حاليا بالمغرب والذي لم يستجب لدعوة السلطات القضائية التونسية؟

Centered Iframe

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى