Centered Iframe
إقتصاد و أعمال

أزمة حوكمة تهز أركان البنك العمومي: إلى أين تتجه STB؟

تشهد الشركة التونسية للبنك (STB) أزمة حوكمة متفاقمة تهدد استقرارها المؤسساتي والمالي، وتبعث برسائل مقلقة إلى مجمل المنظومة البنكية والاقتصادية في البلاد. فمع تعدّد الاستقالات المفاجئة لإطارات ومديرين من مختلف الرتب، وتواتر أخبار عن طرد موظفين بسبب تجاوزات خطيرة، تتأكد يوماً بعد آخر هشاشة الرقابة الداخلية وعمق الأزمة البنيوية التي تعيشها هذه المؤسسة المالية العمومية.

انهيار داخلي مقنّع

تعيش STB على وقع سلسلة من الإقالات والاستقالات في صفوف مسؤوليها، دون توضيح للرأي العام أو للرأي المصرفي. وما زاد الطين بلّة، ورود معطيات عن حالات اختلاس شبه مؤكدة، اخترقت منظومة الرقابة وأجهزة توزيع الأوراق المالية، مما يطرح تساؤلات جدية عن مدى صلابة الأنظمة المعلوماتية وفعالية الإجراءات الوقائية.

وفي خضم هذه التطورات، تأتي حادثة إحالة الخبير البنكي المعروف ومدير إدارة المخاطر المالية، السيد مراد الحطاب، على مجلس تأديب، كحلقة أخرى من مسلسل الغموض والضبابية. هذه الإحالة، التي يُرجّح أن تكون على خلفية انتقاداته العلنية لتقصير بعض البنوك في تطبيق الفصل 412 من مجلة الالتزامات والعقود، تطرح إشكالية كبرى: هل تتحمّل المؤسسات العمومية صوت النقد البنّاء؟ أم أن منطق التصفية الشخصية ما زال يُسيّر دواليب القرار؟

نُذر الانهيار… وصمت مريب

الملف الأخطر يكمن في استمرار منطق التعيينات الغامضة وغير الشفافة. فقد كشف تقرير مرفق عن قيام إدارة البنك بسلسلة من التعيينات دون إعلان أو معايير واضحة، في تغييب تام للمنافسة والكفاءة. هذا التمشي يعكس استمرار التأثيرات الخارجية والمصالح الضيقة التي تُغذي مناخ اللاشفافية، وتحوّل البنك إلى أداة لتصفية الحسابات أو تقاسم النفوذ.

وهو ما يفسّر جزئياً بلوغ قيمة القروض المتعثرة في القطاع البنكي العمومي حدود 6,9 مليارات دينار، وفقاً لتحذيرات البنك المركزي. رقم صادم يعكس ليس فقط هشاشة مالية، بل فشلًا ذريعًا في أنظمة الحوكمة والرقابة.

إنذار مبكّر لقطاع بأكمله

الأزمة داخل STB لم تعد أزمة داخلية تخص إدارة أو أفرادًا. إنها مؤشر مقلق على قابلية الانفجار داخل بنية القطاع البنكي العمومي ككل. فالبنك الذي يفترض أن يكون رافعة تنموية للاقتصاد الوطني، بات نقطة ضعف محتملة قد تتحوّل إلى “كرة ثلج” تهدد بانهيارات مؤسساتية أوسع.

لذلك، تبدو الحاجة اليوم مُلحّة لإعادة النظر جذريًا في منوال الحوكمة. لا يمكن الحديث عن إصلاح مالي دون تطهير آليات القرار، وضمان الشفافية، وتمكين الكفاءات، وقطع الطريق أمام التدخلات السياسية أو الجهوية أو العائلية التي أفرغت المؤسسات من معناها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى